صحّ القول بأنّ موضوع علم الاصول هو الأدلّة المشتركة في عملية الاستنباط.

علم الاصول منطق الفقه :

ولا بدّ أنّ معلوماتكم عن علم المنطق تسمح لنا أن نستخدمه كمثالٍ لعلم الاصول ، فإنّ علم المنطق ـ كما تعلمون ـ يدرس في الحقيقة عملية التفكير مهما كان مجالها وحقلها العلمي ، ويحدّد النظام العامّ الذي يجب أن تتّبعه لكي يكون التفكير سليماً ، مثلاً : يعلّمنا علم المنطق كيف يجب أن ننهج في الاستدلال بوصفه عملية تفكيرٍ لكي يكون الاستدلال صحيحاً ، كيف نستدلّ على أنّ سقراط فانٍ ، وكيف نستدلّ على أنّ نار الموقد الموضوع أمامي محرقة ، وكيف نستدلّ على أنّ مجموع زوايا المثلث تساوي قائمتين ، وكيف نستدلّ على أنّ الخطّ الممتدّ بدون نهاية مستحيل ، كلّ هذا يجيب عليه علم المنطق بوضع المناهج العامّة للاستدلال ، كالقياس والاستقراء ، فهو إذن علم لعملية التفكير إطلاقاً.

وعلم الاصول يشابه علم المنطق من هذه الناحية ، غير أنّه يبحث عن نوعٍ خاصٍّ من عملية التفكير ، أي عن عملية التفكير الفقهيِّ في استنباط الأحكام ، ويدرس العناصر المشتركة التي يجب أن تدخل فيها لكي يكون الاستنباط سليماً ، فهو يعلِّمنا كيف نستنبط الحكم بحرمة الارتماس على الصائم ، وكيف نستنبط اعتصام ماء الكرّ ، وكيف نستنبط الحكم باستحباب صلاة العيد أو وجوبها ، وذلك بوضع المناهج العامّة ، وتحديد العناصر المشتركة لعملية الاستنباط.

وعلى هذا الأساس يصحّ أن يطلق على علم الاصول اسم منطق علم الفقه ؛ لأنّه بالنسبة إليه بمثابة المنطق بالنسبة إلى الفكر البشريِّ بصورةٍ عامّة.

۴۷۲۱