حجّية القطع

للقطع كاشفيّة بذاته عن الخارج. وله أيضاً نتيجة لهذه الكاشفيّة محركيّة نحو ما يوافق الغرض الشخصيّ للقاطع إذا انكشف له بالقطع ، فالعطشان إذا قطع بوجود الماء خلفه تحرّك نحو تلك الجهة طلباً للماء. وللقطع ـ إضافةً إلى الكاشفيّة والمحركية المذكورتين ـ خصوصيّة ثالثة وهي : «الحجّيّة» ، بمعنى أنّ القطع بالتكليف ينجِّز ذلك التكليف ، أي يجعله موضوعاً لحكم العقل بوجوب امتثاله وصحّة العقاب على مخالفته.

والخصوصيّة الاولى والثانية بديهيّتان ولم يقع بحث فيهما ، ولا تفيان بمفردهما بغرض الاصولي ـ وهو تنجيز التكليف الشرعيّ على المكلّف بالقطع به ـ وإنّما الذي يفي بذلك الخصوصيّة الثالثة.

كما أنّه لا شكّ في أنّ الخصوصيّة الاولى هي عين حقيقة القطع ؛ لأنّ القطع هو عين الانكشاف والإراءة ، لا أنّه شيء من صفاته الانكشاف.

ولا شكّ أيضاً في أنّ الخصوصيّة الثانية من الآثار التكوينية للقطع بما يكون متعلّقاً للغرض الشخصي ، فالعطشان الذي يتعلّق غرض شخصيّ له بالماء حينما يقطع بوجوده في جهةٍ يتحرّك نحو تلك الجهة لا محالة ، والمحرّك هنا هو الغرض ، والمكمِّل لمحرِّكيّة الغرض هو قطعه بوجود الماء ، وبإمكان استيفاء الغرض في تلك الجهة.

وأمّا الخصوصيّة الثالثة وهي حجّيّة القطع ـ أي منجِّزيّته للتكليف بالمعنى المتقدّم ـ فهي شيء ثالث غير مستبطنٍ في الخصوصيّتين السابقتين ، فلا يكون التسليم بهما من الناحية المنطقيّة تسليماً ضمنيّاً بالخصوصيّة الثالثة ، وليس التسليم

۴۷۲۱