ومثال الأوّل : وضع أسماء الأجناس ، ومثال الثاني : وضع الهيئة المحفوظة في ضمن كلّ أسماء الفاعلين لمعنى هيئة اسم الفاعل ، فإنّ الهيئة لَمَّا كانت لا تنفصل في مقام التصوّر عن المادة ؛ وكان من الصعب إحضار تمام الموادّ عند وضع اسم الفاعل اعتاد الواضع أن يُحضِر الهيئة في ضمن مادّةٍ معيّنةٍ كفاعل ، ويضع كلّ ما كان على هذه الوتيرة للمعنى الفلانيّ فيكون الوضع نوعيّاً.
المجاز :
يكتسب اللفظ بسبب وضعه للمعنى الحقيقيّ صلاحيّة الدلالة على المعنى الحقيقيّ من أجل الاقتران الخاصّ بينهما ، كما يكتسب صلاحيّة الدلالة على كلّ معنىً مقترنٍ بالمعنى الحقيقيّ اقتراناً خاصّاً ، كالمعاني المجازيّة المشابهة ، غير أنّها صلاحيّة بدرجةٍ أضعف ؛ لأنّها تقوم على أساس مجموع اقترانين ، ومع اقتران اللفظ بالقرينة على المعنى المجازيّ تصبح هذه الصلاحيّة فعليّة ؛ ويكون اللفظ دالاًّ فعلاً على المعنى المجازي.
وأمّا في حالة عدم وجود القرينة فالذي ينسبق إلى الذهن من اللفظ تصوّر المعنى الموضوع له ، ومن هنا يقال : إنّ ظهور الكلام في مرحلة المدلول التصوّريّ يتعلَّق بالمعنى الموضوع له دائماً ، بمعنى أنّه هو الذي تأتي صورته إلى الذهن بمجرّد سماع اللفظ دون المعنى المجازي.
وما ذكرناه من اكتساب اللفظ صلاحيّة الدلالة على المعنى المجازيّ لا يحتاج إلى وضعٍ خاصٍّ وراء وضع اللفظ لمعناه الحقيقيّ ، وإنّما يحصل بسبب وضعه للمعنى الحقيقي.
وإنّما الكلام في أنّه هل يصحّ استعمال اللفظ في المعنى المجازيّ ما دام أصبح صالحاً للدلالة عليه ، أو تتوقّف صحّته على وضعٍ معيّن؟