إسناد الحرمة نفسها إلى المولى ، فإنّ القطع بحرمة الخمر يؤدّي إلى جواز إسناد الحرمة إلى المولى ، بأن يقول القاطع : إنّ الشارع حرّم الخمر ؛ لأنّه قول بعلم ، وقد أذن الشارع في القول بعلمٍ وحرّم القول بلا علم.

وبالتدبّر في ما بيّنّاه من التمييز بين القطع الطريقيّ والقطع الموضوعيّ يتّضح :

أنّ القطع بالنسبة إلى جواز الإسناد قطع موضوعيّ لا طريقيّ ؛ لأنّ جواز الإسناد حكم شرعيّ اخذ في موضوعه القطع بما يسند إلى المولى.

تلخيص ومقارنة :

اتّضح ممّا ذكرناه : أنّ تنجّز التكليف المقطوع لمّا كان من شؤون حقّ الطاعة للمولى سبحانه ، وكان حقّ الطاعة له يشمل كلّ ما ينكشف من تكاليفه ولو انكشافاً احتماليّاً فالمنجّزيّة إذن ليست مختصّةً بالقطع ، بل تشمل كلّ انكشافٍ مهما كانت درجته ، وإن كانت بالقطع تصبح مؤكّدةً وغير معلّقة ، كما تقدّم.

وخلافاً لذلك مسلك من افترض المنجّزيّة والحجّيّة لازماً ذاتيّاً للقطع ، فإنّه ادّعى أنّها من خواصّ القطع. فحيث لا قطع ولا علم لا منجّزيّة ، فكلّ تكليفٍ لم ينكشف بالقطع واليقين فهو غير منجّزٍ ولا يصحّ العقاب عليه ، وسمّي ذلك بقاعدة «قبح العقاب بلا بيان» ، أي بلا قطعٍ وعلم (١) ، وفاته أنّ هذا في الحقيقة تحديد لمولويّة المولى وحقّ الطاعة له رأساً.

وهذان مسلكان يحدّد كلّ منهما الطريق في كثيرٍ من المسائل المتفرّعة ، ويوضّح للفقيه منهجاً مغايراً من الناحية النظريّة لمنهج المسلك الآخر.

ونسمّي المسلك المختار بمسلك حقّ الطاعة ، والآخربمسلك قبح العقاب بلابيان.

__________________

(١) راجع كفاية الا صول : ٣٩٠ ، ومصباح الاصول ٢ : ١٦

۴۷۲۱