أجابوك : بأنّ لحاظ اللفظ المرآتيّ إفناء لِلَّفظ في المعنى ، أي أنّك تلحظه مندكّاً في المعنى وبنفس لحاظ المعنى ، وهذا النحو من لحاظ شيءٍ فانياً في شيءٍ آخر يجتمع مع الغفلة عنه.
وعلى هذا الأساس ذهب جماعة كصاحب الكفاية رحمهالله (١) إلى استحالة استعمال اللفظ في معنيين ؛ وذلك لأنّ هذا يتطلّب إفناء اللفظ في هذا المعنى وفي ذاك ، ولا يعقل إفناء الشيء الواحد مرّتين في عرضٍ واحد.
فإن قلت : بإمكاني أن اوحِّد بين المعنيين بأن اكوِّن منهما مركّباً مشتملاً عليهما معاً ، وافني اللفظ لحاظاً في ذلك المركّب.
كان الجواب : أنّ هذا ممكن ، ولكنّه استعمال لِلَّفظ في معنىً واحد ، لا في معنيين.
الحقيقة والمجاز :
ويقسَّم الاستعمال : إلى حقيقيٍّ ومجازي ، فالاستعمال الحقيقيّ هو : استعمال اللفظ في المعنى الموضوع له الذي قامت بينه وبين اللفظ علاقة لغوية بسبب الوضع ، ولهذا يطلق على المعنى الموضوع له اسم «المعنى الحقيقي».
والاستعمال المجازي هو : استعمال اللفظ في معنىً آخر لم يوضع له ، ولكنّه يشابه ببعض الاعتبارات المعنى الذي وضع اللفظ له ، ومثاله : أن تستعمل كلمة «البحر» في العالم الغزير علمه ؛ لأنّه يشابه البحر من الماء في الغزارة والسعة ، ويطلق على المعنى المشابه للمعنى الموضوع له اسم «المعنى المجازي» ، وتعتبر علاقة اللفظ بالمعنى المجازيّ علاقةً ثانويةً ناتجةً عن علاقته اللغوية الأوّلية بالمعنى الموضوع
__________________
(١) كفاية الاصول : ٥٣