إثبات الصدور
لكي نعمل بكلامٍ بوصفه دليلاً شرعياً لابدّ من إثبات صدوره من المعصوم ؛ وذلك بأحد الطرق التالية :
الأوّل : التواتر ، وذلك بأن ينقله عدد كبير من الرواة ، وكلّ خبرٍ من هذا العدد الكبير يشكِّل احتمالاً للقضية وقرينةً لإثباتها ، وبتراكم الاحتمالات والقرائن يحصل اليقين بصدور الكلام ، وحجّية التواتر قائمة على أساس إفادته للعلم ، ولا تحتاج حجّيته إلى جعلٍ وتعبّدٍ شرعي.
الثاني : الإجماع والشهرة ، وتوضيح ذلك : أنَّا إذا لاحظنا فتوى الفقيه الواحد بوجوب الخمس في المعادن ـ مثلاً ـ نجد أنّها تشكِّل قرينة إثبات ناقصة على وجود دليلٍ لفظيٍّ مسبقٍ يدلّ على هذا الوجوب ؛ لأنّ فتوى الفقيه تجعلنا نحتمل تفسيرين لها :
أحدهما : أن يكون قد استند في فتواه إلى دليلٍ لفظيٍّ ـ مثلاً ـ بصورةٍ صحيحة.
والآخر : أن يكون مخطئاً في فتواه.
وما دمنا نحتمل فيها هذين التفسيرين معاً فهي قرينة إثباتٍ ناقص ، فإذا أضفنا إليها فتوى فقيهٍ آخر بوجوب الخمس في المعادن أيضاً كَبُر احتمال وجود دليلٍ لفظيٍّ يدلّ على الحكم ؛ نتيجةً لاجتماع قرينتين ناقصتين ، وحين ينضمّ إلى الفقيهين فقيه ثالث نزداد مَيلاً إلى الاعتقاد بوجود هذا الدليل اللفظي ، وهكذا نزداد مَيلاً إلى الاعتقاد بذلك كلّما ازداد عدد الفقهاء [المفتين] بوجوب الخمس في المعادن ، فإذا كان الفقهاء قد اتّفقوا جميعاً على هذه الفتوى سُمِّي ذلك «إجماعاً» ، وإذا كانوا