تمهيد
الدليل العقليّ : كلّ قضيّةٍ يدركها العقل ويمكن أن يستنبط منها حكم شرعيّ ، والبحث عن هذه القضايا العقليّة : تارةً يقع صغرويّاً في صحة القضيّة العقليّة ومدى إدراك العقل لها ، واخرى يقع كبرويّاً في حجّيّة الإدراك العقليّ لها.
والقضايا العقليّة على قسمين :
أحدهما : قضايا تشكّل عناصر مشتركةً في عمليّة الاستنباط ، كالقضيّة العقليّة القائلة : «إنّ إيجاب شيءٍ يستلزم إيجاب مقدّمته».
والآخر : قضايا مرتبطة بأحكامٍ شرعيّةٍ معيّنة ، كحكم العقل بحرمة المخدّر قياساً له على الخمر ؛ لوجود صفةٍ مشتركةٍ وهي إذهاب الشعور ، وحكم العقل بحرمة الكذب ؛ لأنّه قبيح.
والقسم الأوّل يدخل بحثه الصغرويّ والكبرويّ معاً في علم الاصول ، فقد يُبحث عن أصل وجود إدراكٍ عقليّ ، وهذا بحث صغرويّ ، وقد يبحث عن حجّيّته وهذا بحث كبرويّ ، وكلاهما اصوليّ ؛ لأنّهما بحثان في العناصر المشتركة في عمليّة الاستنباط.
والقسم الثاني لا يدخل بحثه الصغرويّ في علم الاصول ؛ لأنّه بحث في عنصرٍ غير مشترك ، وإنّما يدخل بحثه الكبرويّ في هذا العلم لكونه بحثاً في عنصرٍ مشترك ، كالبحث عن حجّيّة القياس ، وهكذا يتّضح أنّ البحث الصغرويّ لا يكون اصوليّاً إلاّ في القسم الأوّل ، وأنّ البحث الكبرويّ اصوليّ في كلا القسمين.