وإذا رخّص المولى فقط في إهمال احتمال وجوب صلاة الجمعة بطلت منجّزيّة هذاالاحتمال ، وظلّت منجّزيّة الباقي كماتقدّم. وبإمكان المولى أن يرخّص في كلٍ من الطرفين معاً بترخيصين ظاهريَّين ، وبهذا تبطل كلّ المنجّزيّات بما فيها منجّزيّة العلم بالجامع.
وقد تقول : إنّ العلم بالجامع فرد من القطع ، وقد تقدّم أنّ منجّزيّة القطع غير معلّقة ، فكيف ترتفع منجّزيّة العلم بالجامع هنا؟!
والجواب : أنّ القطع الذي تكون منجّزيّته غير معلّقةٍ هو العلم التفصيليّ ، إذ لا مجال للترخيص الظاهريّ في مورده ؛ لأنّ الترخيص الظاهريّ لا يمكن إلاّفي حالة الشكّ ، ولا شكّ مع العلم التفصيليّ ، ولكن في حالة العلم الإجماليّ حيث إنّ الشكّ في كلّ طرفٍ موجود فهناك مجال للترخيص الظاهريّ ، فتكون منجّزيّة العلم الإجماليِّ معلّقةً على عدم إحراز الترخيص الظاهريّ في كلٍّ من الطرفين.
هذا من الناحية النظريّةثبوتاً ، وأمّا من الناحية الواقعيّة إثباتاً وأ نّه هل صدر من الشارع ترخيص في كلّ من طرفي العلم الإجمالي؟ فهذا ما يقع البحث عنه في الاصول العمليّة.
القطع الطريقيّ والموضوعي :
تارةً يحكم الشارع بحرمة الخمر ـ مثلاً ـ فيقطع المكلّف بالحرمة ، ويقطع بأنّ هذا خمر ، وبذلك يصبح التكليف منجَّزاً عليه ، كما تقدّم (١) ، ويسمّى القطع في هذه الحالة بالقطع الطريقيّ بالنسبة إلى تلك الحرمة ؛ لأنّه مجرّد طريقٍ وكاشفٍ عنها ؛ وليس له دخل وتأثير في وجودها واقعاً ؛ لأنّ الحرمة ثابتة للخمر على أيّ حال ،
__________________
(١) في (حجية القطع)