ـ ٣ ـ
قاعدة منجّزية العلم الإجمالي
تمهيد :
قد تعلم أنّ أخاك الأكبر قد سافر إلى مكّة ، وقد تشكّ في سفره ، لكنّك تعلم على أيِّ حالٍ أنّ أحد أخويك (الأكبر ، أو الأصغر) قد سافر فعلاً إلى مكّة ، وقد تشكّ في سفرهما معاً ولا تدري هل سافر واحد منهما إلى مكّة ، أوْ لا؟
فهذه حالات ثلاث ، ويطلق على الحالة الاولى اسم «العلم التفصيلي» ؛ لأنّك في الحالة الاولى تعلم أنّ أخاك الأكبر قد سافر إلى مكّة ، وليس لديك في هذه الحقيقة أيُّ تردّدٍ أو غموض ، فلهذا كان العلم تفصيلياً.
ويطلق على الحالة الثانية اسم «العلم الإجمالي» ؛ لأنّك في هذه الحالة تجد في نفسك عنصرين مزدوجين : أحدهما عنصر الوضوح ، والآخر عنصر الخفاء ، فعنصر الوضوح يتمثَّل في علمك بأنّ أحد أخويك قد سافر فعلاً ، فأنت لا تشكّ في هذه الحقيقة. وعنصر الخفاء والغموض يتمثّل في شكِّك وتردّدك في تعيين هذا الأخ ، ولهذا تسمّى هذه الحالة ب «العلم الإجمالي» ، فهي علم ، لأنّك لا تشكّ في سفر أحد أخويك ، وهي إجمال وشكّ ، لأنّك لا تدري أيّ أخويك قد سافر. ويسمّى كلّ من سفر الأخ الأكبر وسفر الأصغر «طرفاً» للعلم الإجمالي ؛ لأنّك تعلم أنّ أحدهما لا على سبيل التعيين قد سافر بالفعل.
وأفضل صيغةٍ لغويةٍ تمثِّل هيكل العلم الإجماليّ ومحتواه النفسيّ بكلا عنصريه هي «إمّا وإمّا» ، إذ تقول في المثال المتقدِّم : «سافَرَ إمّا أخي الأكبر ، وإمّا