دلالة السكوت والتقرير :

وأمّا السكوت فقد يقال : إنّه دليل الإمضاء وتوضيح ذلك : أنّ المعصوم إذا واجه سلوكاً معيَّناً : فإمّا أن يبدي موقف الشرع منه ، وهذا يعني وجود الدليل الشرعيّ اللفظيّ. وإمّا أن يسكت ، وهذا السكوت يمكن أن يعتبر دليلاً على الإمضاء ، ودلالته على الإمضاء : تارةً تدّعى على أساسٍ عقليّ ، واخرى على أساس الظهور الحاليّ.

أمّا الأساس العقليّ فيمكن توضيحه : إمّا بملاحظة المعصوم مكلّفاً ، فيقال : إن هذا السلوك لو لم يكن مرضيّاً لوجب النهي عنه على المعصوم ؛ لوجوب النهي عن المنكر ، أو لوجوب تعليم الجاهل ، فعدم نهيه وسكوته مع عصمته يكشف عقلاً عن كون السلوك مرضيّاً.

وإمّا بملاحظة المعصوم شارعاً وهادفاً ، فيقال : إنّ السلوك الذي يواجهه المعصوم لو كان يفوّت عليه غرضه بما هو شارع لتعيّن الوقوف في وجهه ، ولَما صحّ السكوت ؛ لأنّه نقض للغرض ، ونقض الغرض من العاقل الملتفت مستحيل.

وكلّ من اللحاظين له شروطه ، فاللحاظ الأوّل يتوقّف على توفّر شروط وجوب النهي عن المنكر ، واللحاظ الثانيّ يتوقّف على أن يكون السلوك المسكوت عنه ممّا يهدِّد بتفويت غرضٍ شرعيٍّ فعليٍّ بأن يكون مرتبطاً بالمجال الشرعيّ مباشرةً ، كالسلوك القائم على العمل بأخبار الآحاد الثقات في الشرعيّات ، أو ناشئاً من نكتةٍ تقتضي بطبعها الامتداد إلى المجال الشرعيّ على نحوٍ يتعرّض الغرض الشرعيّ للخطر والتفويت ، كما لو كان العمل بأخبار الآحاد قائماً في المجالات العرفيّة ولكن بنكتةٍ تقتضي بطبعها تطبيق ذلك على الشرعيات أيضاً عند الحاجة.

وأمّا الأساس الاستظهاريّ فيقوم على دعوى أنّ ظاهر حال المعصوم

۴۷۲۱