[دوران الأمر بين الأقل والأكثر]
والآن بعد أن اتّضحت القاعدة العمليّة الثانويّة وهي البراءة الشرعيّة ، والقاعدة العمليّة الثالثة وهي منجّزيّة العلم الإجماليّ نستعرض جملةً من الحالات التي وقع البحث في إدراجها ضمن القاعدة الاولى أو الثانية.
حالة تردّد أجزاء الواجب بين الأقلّ والأكثر :
والحالة الرئيسيّة من حالات التردّد هي : ما إذا وجب مركّب بوجوبٍ واحدٍ وكان كلّ جزءٍ في المركّب واجباً بوجوب ضمنيّ ؛ وتردّد أمر هذا المركّب بين أن يكون مشتملاً على تسعة أجزاءٍ أو عشرةٍ ، فهل تدخل هذه الحالة في حالات العلم الإجماليّ ، أو حالات الشكّ البدويّ؟
ويجب أن نعرف قبل كلّ شيءٍ أنّ العلم الإجماليّ لا يمكن أن يوجد إلاّإذا افترض جامع بين فردين متباينين وكان ذلك الجامع معلوماً ومردّداً في انطباقه بين الفردين ، وأمّا إذا كان الجامع معلوماً في ضمن أحد الفردين ويحتمل وجوده في ضمن فردٍ آخر أيضاً فليس هذا من العلم الإجماليّ ، بل هو علم تفصيليّ بالفرد الأوّل مع الشكّ البدويّ في الفرد الثاني ، وهذا معناه أنّ طرفي العلم الإجماليّ يجب أن يكونا متباينين ، ويستحيل أن يكونا متداخلين تداخل الأقلّ والأكثر.
وعلى هذا الأساس يبدو أنّ الحالة المطروحة للبحث ليست من حالات العلم الإجماليّ ، إذ ليس فيها علم بالجامع بين فردين متباينين ، بل علم تفصيليّ بوجوب التسعة وشكّ بدويّ في وجوب العاشر. وقول القائل : إنّا نعلم بوجوب التسعة أو العشرة كلام صوريّ ؛ لأنّ التسعة ليست مباينةً للعشرة.