تنويعُ البحث
حينما يستنبط الفقيه الحكم الشرعيّ ويستدلّ عليه تارةً : يحصل على دليلٍ يكشف عن ثبوت الحكم الشرعيّ فيعوّل على كشفه ، واخرى : يحصل على دليلٍ يحدّد الموقف العمليّ والوظيفة العمليّة تجاه الواقعة المجهول حكمها ، وهذا ما يكون في الاصول العمليّة التي هي أدلّة على الوظيفة العمليّة ، وليست أدلّةً على الواقع.
وعلى هذا الأساس سوف نصنِّف بحوث علم الاصول إلى نوعين :
أحدهما : البحث في الأدلّة من القسم الأوّل ، أي العناصر المشتركة في عمليّة الاستنباط التي تتّخذ أدلّةً باعتبار كشفها عن الحكم الشرعيّ ، ونسمّيها بالأدلّة المحرزة.
والآخر : البحث في الاصول العمليّة ، وهي الأدلّة من القسم الثاني ، أي العناصر المشتركة في عمليّة الاستنباط التي تتّخذ أدلّةً على تحديد الوظيفة العمليّة تجاه الحكم الشرعيّ المجهول ، ونسمّيها بالأدلّة العمليّة ، أو الاصول العمليّة.
وكلّ ما يستند إليه الفقيه في استدلاله الفقهيّ واستنباطه للحكم الشرعيّ لا يخرج عن أحد هذين القسمين من الأدلّة.
ويمكن القول على العموم (١) : بأنّ كلّ واقعةٍ يعالج الفقيه حكمها يوجد فيها أساساً دليل من القسم الثاني ، أي أصل عمليّ يحدّد الوظيفة العمليّة ، فإن توفّر للفقيه الحصول على دليلٍ محرز أخذ به وترك الأصل العمليّ ؛ وفقاً لقاعدة تقدّم الأدلّة
__________________
(١) هذه العبارة : من قوله : «ويمكن القول على العموم» الى قوله : «حيث لا يوجد دليل محرز» مكرّرة بعينها تقريباً فيما سيأتي تحت عنوان : «تحديد المنهج في الأدلّة والاصول»