ونستخلص من ذلك : أنّ كلّ حالةٍ من الشكّ البدويّ يتوفّر فيها القطع بشيءٍ أوّلاً والشكّ في بقائه ثانياً يجري فيها الاستصحاب.

الحالة السابقة المتيقّنة :

عرفنا أنّ وجود حالةٍ سابقةٍ متيقّنةٍ شرط أساسيّ لجريان الاستصحاب ، والحالة السابقة قد تكون حكماً عامّاً نعلم بجعل الشارع له وثبوته في العالم التشريعيّ ؛ ولا ندري حدود هذا الحكم المفروضة له في جعله ، ومدى امتداده في عالمه التشريعي ، فتكون الشبهة حكمية ، ويجري الاستصحاب في نفس الحكم ، كاستصحاب بقاء طهارة الماء بعد إصابة المتنجِّس له ، ويسمّى ب «الاستصحاب الحكمي».

وقد تكون الحالة السابقة شيئاً من أشياء العالم التكوينيّ نعلم بوجوده سابقاً ، ولا ندري باستمراره وهو موضوع للحكم الشرعي ، فتكون الشبهة موضوعيةً ويجري الاستصحاب في موضوع الحكم. ومثاله : استصحاب عدالة الإمام الذي يشكّ في طروء فسقه ، واستصحاب نجاسة الثوب الذي يشكّ في طروء المطهِّر عليه ، ويسمّى ب «الاستصحاب الموضوعي» ؛ لأنّه استصحاب موضوعٍ لحكمٍ شرعي ، وهو جواز الائتمام في الأوّل ، وعدم جواز الصلاة في الثاني.

ويوجد في علم الاصول اتّجاه ينكر جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية ويخصّه بالشبهة الموضوعية ، ولا شكّ في أنّ الاستصحاب في الشبهة الموضوعية هو المتيقّن من دليله ؛ لأنّ صحيحة زرارة التي ورد فيها إعطاء الإمام للاستصحاب تتضمّن شبهةً موضوعيةً وهي الشك في طروء النوم الناقض ، ولكنّ هذا لايمنع عن التمسّك بإطلاق كلام الإمام في قوله : «ولا ينقض اليقين [أبداً] بالشكّ» لإثبات عموم القاعدة لجميع الحالات ، فعلى مدّعي الاختصاص أن

۴۷۲۱