الإطلاق في المعاني الحرفيّة :
مرّ بنا سابقاً (١) أنّ المعاني في المصطلح الاصوليّ : تارةً تكون معانيَ اسميّةً ، كمدلول عالم في «أكرم العالم». واخرى معاني حرفيّة ، كمدلول صيغة الأمر في نفس المثال ، ولا شكّ في أنّ قرينة الحكمة تجري على المعاني الاسميّة ويثبت بها إطلاقها ، وأمّا المعاني الحرفيّة فقد وقع النزاع في إمكان ذلك بشأنها.
مثلاً : إذا شككنا في أنّ الحكم بالوجوب هل هو مطلق وثابت في كلّ الأحوال ، أو في بعض الأحوال دون بعض ، فهل يمكن أن نطبّق قرينة الحكمة على مفاد «أكرم» في المثال وهو الوجوب المفاد على نهج النسبة الطلبيّة والإرساليّة لإثبات أنّه مطلق ، أو لا؟ وسيأتي توضيح الحال في هذا النزاع في الحلقة الثالثة (٢) إن شاء الله تعالى. والصحيح فيه : إمكان تطبيق مقدّمات الحكمة في مثل ذلك.
التقابل بين الإطلاق والتقييد :
اتّضح ممّا ذكرناه أنّ هناك إطلاقاً وتقييداً في عالم اللحاظ وفي مقام الثبوت ، والتقييد هنا بمعنى لحاظ القيد ، والإطلاق بمعنى عدم لحاظ القيد. وهناك أيضاً إطلاق وتقييد في عالم الدلالة وفي مقام الإثبات ، والتقييد هنا بمعنى الإتيان في الدليل بما يدلّ على القيد ، والإطلاق بمعنى عدم الإتيان بما يدلّ على القيد مع ظهور حال المتكلّم في أنّه في مقام بيان تمام مراده بخطابه.
والإطلاق الإثباتيّ يدلّ على الإطلاق الثبوتيّ ، والتقييد الإثباتيّ يدلّ على
__________________
(١) مضى تحت عنوان : تصنيف اللغة
(٢) سوف يأتي في الحلقة الثالثة عند الحديث عن ثمرة البحث عن المعاني الحرفية