كثيرةً اقترن تصوّر اللفظ بتصوّر ذلك المعنى المجازيِّ في ذهن السامع اقتراناً متكرّراً ، وأدّى هذا الاقتران المتكرِّر إلى قيام العلاقة اللغوية بينهما.
تصنيف اللغة إلى معانٍ اسميّةٍ وحرفيّة :
تنقسم كلمات اللغة ـ كما قرأتم في النحو ـ إلى اسمٍ وفعلٍ وحرف.
فالأسماء تدلّ على معانٍ نفهمها من تلك الأسماء ، سواء سمعنا الاسم مجرّداً أو في ضمن كلام.
وأمّا الحرف فلا يتحصّل له معنىً إلاّإذا سمعناه ضمن كلام. ومدلول الحرف دائماً هو الربط بين المعاني الاسمية على اختلاف أنحائه ، ففي قولنا : «النار في الموقد تشتعل» تدلّ «في» على ربطٍ مخصوصٍ بين مفهومين اسميّين ، وهما : النار والموقد.
والدليل على أنّ مفاد الحروف هو الربط أمران :
أحدهما : أنّ معنى الحرف لا يظهر إذا فُصِل الحرف عن الكلام ، وليس ذلك إلاّ لأنّ مدلوله هو الربط بين معنيين ، فحيث لا توجد معانٍ اخرى في الكلام لا مجال لافتراض الربط.
والآخر : أنّ الكلام لا شكّ في أنّ مدلوله مترابط الأجزاء ، ولا شكَّ في أنّ هذا المدلول المترابط يشتمل على ربطٍ ومعانٍ مرتبطة ، ولا يمكن أن يحصل هذا الربط ما لم يكن هناك دالّ عليه ، وإلاّ أتت المعاني إلى الذهن وهي متناثرة غير مترابطة ، وليس الاسم هو الدالّ على هذا الربط ، وإلاّ لَما فهمنا معناه إلاّضمن الكلام ؛ لأنّ الربط لا يفهم إلاّفي إطار المعاني المترابطة ، فيتعيَّن أن يكون الدالّ على الربط هو الحرف.
وتختلف الحروف باختلاف أنحاء الربط التي تدلّ عليها ، ولمّا كان كلّ ربطٍ يعني نسبةً بين طرفين صحّ أن يقال : إنّ المعاني الحرفية معانٍ ربطية نسبية ، وإنّ