تحديد المنهج في الأدلّة والاصول

عرفنا سابقاً أنّ الأدلّة التي يستند إليها الفقيه في استدلاله الفقهيّ واستنباطه للحكم الشرعيّ على قسمين ، فهي : إمّا أدلّة محرزة يطلب بها كشف الواقع ، وإمّا أدلّة عمليّة (اصول عمليّة) تحدّد الوظيفة العمليّة للشاكّ الذي لا يعلم بالحكم.

ويمكن القول على العموم بأنّ كلّ واقعةٍ يعالج الفقيه حكمها يوجد فيها دليل من القسم الثاني ، أي أصل عمليّ يحدّد لغير العالم الوظيفة العمليّة ، فإن توفّر للفقيه الحصول على دليلٍ محرزٍ أخذ به ، وترك الأصل العمليّ وفقاً لقاعدة تقدّم الأدلّة المحرزة على الاصول العمليّة ، كما يأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ في تعارض الأدلّة. وإن لم يتوفّر دليل محرز أخذ بالأصل العملي ، فهو المرجع العامّ للفقيه حيث لا يوجد دليل محرز.

وتختلف الأدلّة المحرزة عن الاصول العمليّة في : أنّ تلك تكون أدلّةً ومستَنَداً للفقيه بلحاظ كاشفيّتها عن الواقع وإحرازها للحكم الشرعي ، وأمّا هذه فتكون أدلّةً من الوجهة العمليّة فقط ، بمعنى أنّها تحدّد كيف يتصرّف الإنسان الذي لا يعرف الحكم الشرعيّ للواقعة.

كما أنّ الأدلّة المحرزة تختلف فيما بينها ؛ لأنّ بعضها أدلّة قطعيّة تؤدّي إلى القطع بالحكم الشرعي ، وبعضها أدلّة ظنّيّة تؤدّي إلى كشفٍ ناقصٍ محتملِ الخطأ عن الحكم الشرعيّ ، وهذه الأدلّة الظنّيّة هي التي تسمّى بالأمارات.

۴۷۲۱