عليه ، بل قام الدليل على بطلانه.

قياس الأولويّة

أمّا قياس الأولويّة : فهو نفسه الذي يسمّى «مفهوم الموافقة» الذي تقدّمت الإشارة إليه (١) ، وقلنا هناك : إنّه يسمّى «فحوى الخطاب» ، كمثال الآية الكريمة ﴿فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ (٢) الدالّة بالأولويّة على النهي عن الشتم ، والضرب ، ونحوهما.

وتقدّم في هذا الجزء (٣) أنّ هذا من الظواهر ، فهو حجّة من أجل كونه ظاهرا من اللفظ ، لا من أجل كونه قياسا ، (٤) حتى يكون استثناء من عموم النهي عن القياس ، وإن أشبه القياس ، ولذلك سمّي بـ «قياس الأولويّة» ، و «القياس الجليّ».

ومن هنا لا يفرض مفهوم الموافقة إلاّ حيث يكون للّفظ ظهور بتعدّي الحكم إلى ما هو أولى في علّة الحكم ، كآية التأفيف المتقدّمة.

ومنه : دلالة الإذن بسكنى الدار على جواز التصرّف بمرافقها بطريق أولى ، ويقال لمثل هذا في عرف الفقهاء : «إذن الفحوى».

ومنه : الآية الكريمة ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٥) الدالّة بالأولويّة على ثبوت الجزاء على عمل الخير الكثير.

وبالجملة ، إنّما نأخذ بقياس الأولويّة إذا كان يفهم ذلك من فحوى الخطاب ؛ إذ يكون للكلام ظهور بالفحوى في ثبوت الحكم فيما هو أولى في علّة الحكم ، فيكون حجّة من باب الظواهر. ومن أجل هذا عدّوه من المفاهيم ، وسمّوه «مفهوم الموافقة».

__________________

(١) تقدّمت في الصفحة : ١٢٢.

(٢) الإسراء (١٧) الآية : ١٢٢.

(٣) راجع الصفحة : ١٢٢.

(٤) وصرّح بذلك العلاّمة الحلّي في : مبادئ الوصول : ٢١٧ ، حيث قال : «إلحاق المسكوت عنه بالمنطوق قد يكون جليّا كتحريم الضرب المستفاد من تحريم التأفيف ، وذلك ليس من باب القياس ... بل هو من باب المفهوم». والعجب من المصنّف قدس‌سره حيث عدّ العلاّمة ممّن يستثنيه من عموم النهي عن القياس.

(٥) الزلزلة (٩٩) الآية : ٧.

۶۸۸۱