والفرق بينه وبين المخصّص المتّصل المجمل أنّه في المتّصل يرتفع ظهور الكلام في العموم رأسا ، وفي المنفصل المردّد بين المتباينين ترتفع حجّيّة الظهور ، وإن كان الظهور البدويّ باقيا ، فلا يمكن التمسّك بأصالة العموم في أحد المردّدين.

بل لو فرض أنّها تجري بالقياس إلى احدهما فهي تجري أيضا بالقياس إلى الآخر ، ولا يمكن جريانهما معا ؛ لخروج أحدهما عن العموم قطعا ، فيتعارضان ويتساقطان. وإن كان الحقّ أنّ نفس وجود العلم الإجماليّ يمنع من جريان أصالة العموم في كلّ منهما رأسا ، لا أنّها تجري فيهما فيحصل التعارض ثمّ التساقط.

ب) الشبهة المصداقيّة

قلنا : إنّ الشبهة المصداقيّة تكون في فرض الشكّ في دخول فرد من أفراد ما ينطبق عليه العامّ في المخصّص ، مع كون المخصّص مبيّنا لا إجمال فيه ، وإنّما الإجمال في المصداق. فلا يدرى أنّ هذا الفرد متّصف بعنوان الخاصّ ، فخرج عن حكم العامّ ، أم لم يتّصف فهو مشمول لحكم العامّ ، كالمثال المتقدّم ، وهو الماء المشكوك تغيّره بالنجاسة ، وكمثال الشكّ في اليد على مال أنّها يد عادية أو يد أمانة ، فيشكّ في شمول العامّ لها ، وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (١) ، لأنّها يد عادية ، أو خروجها منه لأنّها يد أمانة ، لما دلّ على عدم ضمان يد الأمانة المخصّص لذلك العموم.

ربما ينسب إلى المشهور من العلماء الأقدمين القول بجواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة (٢) ، ولذا أفتوا في مثال اليد المشكوكة بالضمان.

وقد يستدلّ لهذا القول بأنّ انطباق عنوان العامّ على المصداق المردّد معلوم ، فيكون العامّ حجّة فيه ما لم يعارض بحجّة أقوى ، وأمّا انطباق عنوان الخاصّ عليه فغير معلوم ، فلا يكون الخاصّ حجّة فيه ، فلا يزاحم حجيّة العامّ (٣).

__________________

(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٤.

(٢) نسبه إليهم المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٢ : ٥١٨.

(٣) هكذا استدلّ لهذا القول المحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٢ : ٥١٨.

۶۸۸۱