تجرّدت عن القرائن في روايات الأئمّة عليهم‌السلام.

نعم ، كونها حقيقة فيها في خصوص زمان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غير معلوم ، وإن كان غير بعيد ، بل من المظنون ذلك ، ولكن الظنّ في هذا الباب لا يغني من الحقّ شيئا ، غير أنّه لا أثر لهذا الجهل ، نظرا إلى أنّ السنّة النبويّة غير مبتلى بها إلاّ ما نقل لنا من طريق آل البيت عليهم‌السلام على لسانهم ، وقد عرفت الحال في كلماتهم أنّه لا بدّ من حملها على المعاني المستحدثة.

وأمّا القرآن المجيد : فأغلب ما ورد فيه من هذه الألفاظ أو كلّه محفوف بالقرائن المعيّنة لإرادة المعنى الشرعيّ ، فلا فائدة مهمّة في هذا النزاع بالنسبة إليه. على أنّ الألفاظ الشرعيّة ليست على نسق واحد ؛ فإنّ بعضها كثير التداول ، كالصلاة والصوم والزكاة والحجّ ، لا سيّما الصلاة التي يؤدّونها كلّ يوم خمس مرّات ، فمن البعيد جدّا ألاّ تصبح حقائق في معانيها المستحدثة بأقرب وقت في زمانه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الصحيح والأعمّ

من ملحقات المسألة السابقة مسألة «الصحيح والأعمّ». فقد وقع النزاع في أنّ ألفاظ العبادات أو المعاملات أهي أسام موضوعة للمعاني الصحيحة أو للأعمّ منها ومن الفاسدة؟

وقبل بيان المختار لا بدّ من تقديم مقدّمات :

الأولى : أنّ هذا النزاع لا يتوقّف على ثبوت الحقيقة الشرعيّة (١) ؛ لأنّه قد عرفت أنّ هذه الألفاظ مستعملة في لسان المتشرّعة بنحو الحقيقة ولو على نحو الوضع التعيّني عندهم.

ولا ريب أنّ استعمالهم كان يتبع الاستعمال في لسان الشارع ، سواء كان استعماله على نحو الحقيقة أو المجاز.

فإذا عرفنا ـ مثلا ـ أنّ هذه الألفاظ في عرف المتشرّعة كانت حقيقة في خصوص الصحيح يستكشف منه أنّ المستعمل فيه في لسان الشارع هو الصحيح أيضا ، مهما كان

__________________

(١) خلافا لصاحب الفصول ، فإنّه قال : «وهذا النزاع إنّما يتفرّع على القول بأنّ هذه الألفاظ موضوعة بإزاء معانيها الشرعيّة». وتبعه المحقّق الخراسانيّ ، فقال : «لا شبهة في تأتّي الخلاف على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة». الفصول الغرويّة : ٤٦ ؛ كفاية الأصول : ٣٨.

۶۸۸۱