بيوم النوروز ، وزخرفة (١) المساجد والمقابر ... وما إلى ذلك من عادات اجتماعيّة حادثة.

وكلّ من يغترّ بهذه السيرات وأمثالها فإنّه لم يتوصّل إلى ما توصّل إليه الشيخ الأنصاريّ الأعظم قدس‌سره من إدراك سرّ نشأة العادات عند الناس على طول الزمن ، وأنّ لكلّ جيل من العادات في السلوك ، والاجتماع ، والمعاملات ، والمظاهر ، والملابس ما قد يختلف كلّ الاختلاف عن عادات الجيل الآخر. هذا بالنسبة إلى شعب واحد ، وقطر واحد ؛ فضلا عن الشعوب ، والأقطار بعضها مع بعض. والتبدّل في العادات غالبا يحدث بالتدريج في زمن طويل قد لا يحسّ به من جرى على أيديهم التبديل.

ولأجل هذا لا نثق في السيرات الموجودة في عصورنا بأنّها كانت موجودة في العصور الإسلاميّة الأولى. ومع الشكّ في ذلك فأجدر بها ألاّ تكون حجّة ؛ لأنّ الشكّ في حجّيّة الشيء كاف في وهن حجّيّته ؛ إذ لا حجّة إلاّ بعلم.

٣. مدى دلالة السيرة

إنّ السيرة عند ما تكون حجّة فأقصى ما تقتضيه أن تدلّ على مشروعيّة الفعل وعدم حرمته في صورة السيرة على الفعل ، أو تدلّ على مشروعيّة الترك وعدم وجوب الفعل في صورة السيرة على الترك.

أمّا : استفادة الوجوب من سيرة الفعل ، والحرمة من سيرة الترك فأمر لا تقتضيه نفس السيرة ؛ بل كذلك الاستحباب ، والكراهة ؛ لأنّ العمل في حدّ ذاته مجمل ، لا دلالة على أكثر من مشروعيّة الفعل ، أو الترك.

نعم ، المداومة والاستمرار على العمل من قبل جميع الناس المتشرّعين قد يستظهر منها استحبابه ؛ لأنّه يدلّ ذلك على استحسانه عندهم على الأقلّ.

ولكن يمكن أن يقال : إنّ الاستحسان له ربما ينشأ من كونه أصبح عادة لهم ، والعادات من شأنها أن يكون فاعلها ممدوحا مرغوبا فيه لدى الجمهور ، وتاركها مذموما عندهم ،

__________________

(١) أي : تزيين.

۶۸۸۱