بظاهر العموم ، وليس هو من القياس في شيء ، ليكون القول بحجّيّة التعليل استثناء من عمومات النهي عن القياس. مثال ذلك قوله عليه‌السلام ـ في صحيحة ابن بزيع ـ : «ماء البئر واسع لا يفسده شيء ... ؛ لأنّ له مادّة» ، (١) فإنّ المفهوم منه ـ أي الظاهر منه ـ أنّ كلّ ماء له مادّة واسع لا يفسده شيء ، وأمّا : ماء البئر فإنّما هو أحد مصاديق الموضوع العامّ للقاعدة ، فيشمل الموضوع بعمومه كلاّ من ماء البئر ، وماء الحمّام ، وماء العيون ، وماء حنفيّة الإسالة (٢) ... وغيرها ، فالأخذ بهذا الحكم وتطبيقه على هذه الأمور غير ماء البئر ليس أخذا بالقياس ، بل هو أخذ بظهور العموم ، والظهور حجّة.

هذا ، وفي عين الوقت لمّا كنّا لا نستظهر من هذه الرواية شمول العلّة (لأنّ له مادّة) لكلّ ما له مادّة وإن لم يكن ماء مطلقا ، فإنّ الحكم ـ وهو الاعتصام من التنجّس ـ لا نعدّيه إلى الماء المضاف الذي له مادّة إلاّ بالقياس ، وهو ليس بحجّة.

ومن هنا يتّضح الفرق بين الأخذ بالعموم في منصوص العلّة ، والأخذ بالقياس ، فلا بدّ من التفرقة بينهما في كلّ علّة منصوصة ، لئلاّ يقع الخلط بينهما. ومن أجل هذا الخلط بينهما يكثر العثار (٣) في تعرّف الموضوع للحكم.

وبهذا البيان والتفريق بين الصورتين يمكن التوفيق بين المتنازعين في حجّيّة منصوص العلّة ، فمن يراه حجّة يراه فيما إذا كان له ظهور في عموم العلّة ، ومن لا يرى حجّيّته يراه فيما إذا كان الأخذ به أخذا به على نهج القياس.

والخلاصة أنّ المدار في منصوص العلّة أن يكون له ظهور في عموم الموضوع لغير ما له الحكم ـ أي المعلّل الأصل ـ ؛ فإنّه عموم من جملة الظواهر التي هي حجّة. ولا بدّ حينئذ أن تكون حجّيّته على مقدار ما له من الظهور في العموم ، فإذا أردنا تعديته إلى غير ما يشمله ظهور العموم ، فإنّ التعدية لا محالة تكون من نوع الحمل والقياس الذي لا دليل

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ : ١٢٦ ـ ١٢٧ ، الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق ، الحديثان ٦ و ٧.

(٢) الحنفيّة : أنبوبة ذات لولب تزجّ في ثقب من الحوض لاستفراغ الماء منه عند الحاجة. وبالفارسيّة : شير آب انبار.

(٣) العثار : المهلكة ، السقوط.

۶۸۸۱