وجه الدفع أنّه اتّضح بذلك البيان أنّ الإثبات في الحقيقة ـ وهو عمليّة الحمل ـ عمل القائس وحكمه ـ لا حكم الشارع ـ ، وهو الدليل. وأمّا : المستدلّ عليه فهو حكم الشارع على الفرع ، وإنّما حصل للقائس هذا الاستدلال ، لحصول الاعتقاد له بحكم الشارع من تلك العمليّة القياسيّة التي أجراها.

ومن هنا يظهر أنّ هذا التعريف أفضل التعريفات ، وأبعدها عن المناقشات.

وأمّا : تعريفه بالمساواة بين الفرع والأصل في العلّة (١) ، أو نحو ذلك ، (٢) فإنّه تعريف بمورد القياس ، وليست المساواة قياسا.

وعلى كلّ حال ، فلا يستحقّ الموضوع الإطالة ، بعد أن كان المقصود من القياس واضحا.

٢. أركان القياس

بما تقدّم من البيان يتّضح أنّ للقياس أربعة أركان :

١. «الأصل» وهو المقيس عليه المعلوم ثبوت الحكم له شرعا.

٢. «الفرع» وهو المقيس المطلوب إثبات الحكم له شرعا.

٣. «العلّة» وهي الجهة المشتركة بين الأصل والفرع التي اقتضت ثبوت الحكم. وتسمّى : «جامعا».

٤. «الحكم» وهو نوع الحكم الذي ثبت للأصل ، ويراد إثباته للفرع.

وقد وقعت أبحاث عن كلّ من هذه الأركان ممّا لا يهمّنا التعرّض لها (٣) ، إلاّ فيما يتعلّق بأصل حجّيّته وما يرتبط بذلك. وبهذا الكفاية.

__________________

(١) هذا التعريف نسبه الخضري بك إلى ابن الحاجب ، وابن الهمام. راجع كتابه : أصول الفقه : ٢٨٩.

(٢) إنّ لهم في تعريف القياس عبارات شتّى ، وإن شئت فراجع المنخول : ٣٢٣ ـ ٣٢٤ ؛ المستصفى ٢ : ٥٤ ؛ الإحكام (لابن حزم) ٧ : ٣٦٧ ؛ روضة الناظر : ٢٤٧ ؛ أصول الفقه (للخضري بك) : ٢٨٨ ـ ٢٨٩.

(٣) وإن شئت فراجع اللمع في أصول الفقه : ١٠٢ ـ ١٠٤ ؛ المستصفى ٢ : ٣٢٥ ـ ٣٤٧ ؛ إرشاد الفحول : ٢٠٤ ـ ٢٠٩ ، أصول الفقه (للخضري بك) : ٢٩٣ ـ ٣٢٨.

۶۸۸۱