الدوران في مقام التشريع. وأمّا لو كان الدوران واقعا بسوء اختيار المكلّف ـ كما هو مفروض في المقام ـ ، فإنّ المولى في مقام التشريع قد استوفى غرضه من أوّل الأمر بالنهي عن الغصب مطلقا ، ولا دوران فيه حتّى يقال : «يقبح من المولى تفويت غرضه الأهمّ». وإنّما الدوران وقع في مقام استيفاء الغرض استيفاء خارجيّا بسبب سوء اختيار المكلّف بعد فرض أنّ المولى من أوّل الأمر ـ قبل أن يدخل المكلّف في المحلّ المغصوب ـ قد استوفى كلّ غرضه في مقام التشريع ؛ إذ نهى عن كلّ تصرّف بالمغصوب ، فليس هناك تزاحم في مقام التشريع ؛ فالمكلّف يجب عليه أن يترك الغصب الزائد بالخروج عن المغصوب ، ونفس الحركات الخروجيّة تكون أيضا محرّمة يستحقّ عليها العقاب ؛ لأنّها من أفراد ما هو منهيّ عنه ، وقد وقع في هذا المحذور والدوران بسوء اختياره.

صحّة الصلاة حال الخروج

وأمّا الناحية الثانية : وهي صحّة الصلاة حال الخروج ؛ فإنّها تبتني على اختيار أحد الأقوال في الناحية الأولى.

فإن قلنا بأنّ الخروج يقع على صفة الوجوب فقط ؛ فإنّه لا مانع من الإتيان بالصلاة حالته ، سواء ضاق وقتها أم لم يضق ، ولكن بشرط ألاّ يستلزم أداء الصلاة تصرّفا زائدا على الحركات الخروجيّة ، فإنّ هذا التصرّف الزائد حينئذ يقع محرّما منهيّا عنه.

فإذا استلزم أداء الصلاة تصرّفا زائدا فإن كان الوقت ضيقا فلا بدّ أن يؤدّي الصلاة حال الخروج ، ولا بدّ أن يقتصر منها على أقلّ الواجب ، فيصلّي إيماء بدل الركوع والسجود. وإن كان الوقت متّسعا لأدائها بعد الخروج وجب أن ينتظر بها إلى ما بعد الخروج.

وإن قلنا بوقوع الخروج على صفة الحرمة فإنّه مع سعة الوقت لا بدّ أن يؤدّيها بعد الخروج ، سواء استلزمت تصرّفا زائدا أم لم تستلزم ، ومع ضيق الوقت يقع التزاحم بين الحرام الغصبيّ والصلاة الواجبة ، والصلاة لا تترك بحال ، فيجب أداؤها مع ترك ما يستلزم منها تصرّفا زائدا ، فيصلّي إيماء للركوع والسجود ويقرأ ماشيا ، فيترك الاطمئنان الواجب وهكذا.

۶۸۸۱