فاحتاج [إلى] أن يستدلّ عليه بالقياس؟ ما لكم كيف تحكمون؟!

وإنّما المقصود من الحديث ـ على تقدير صحّته ـ تنبيه الخثعميّة على تطبيق العامّ على ما سألت عنه ، وهو ـ أعني العامّ ـ وجوب قضاء كلّ دين ؛ إذ خفي عليها أنّ الحجّ ممّا يعدّ من الديون التي يجب قضاؤها عن الميّت ، وهو أولى بالقضاء ؛ لأنّه دين الله (تعالى).

ولا شكّ في أنّ تطبيق العامّ على مصاديقه المعلومة لا يحتاج إلى تشريع جديد ، غير تشريع نفس العامّ ؛ لأنّ الانطباق قهريّ. وليس هو من نوع القياس.

ولا ينقضي العجب ممّن يذهب إلى عدم وجوب قضاء الحجّ ، ولا الصوم ، كالحنفيّة (١) ، ويقول : «دين الناس أحقّ بالقضاء» ، ثمّ يستدلّ بهذا الحديث على حجّيّة القياس!

ومنها : حديث بيع الرطب بالتمر ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سأل : «أينقص الرطب إذا يبس؟» فلمّا أجيب بـ «نعم» ، قال : «فلا ، إذن». (٢)

والجواب أنّ هذا الحديث ـ على تقدير صحّته ـ يشبه حديث الخثعميّة ؛ فإنّ المقصود منه التنبيه على تطبيق العامّ على أحد مصاديقه الخفيّة ، وليس هو من القياس في شيء.

وكذلك يقال في أكثر الأحاديث المرويّة في الباب. (٣)

على أنّها بجملتها معارضة بأحاديث أخر ، يفهم منها النهي عن الأخذ بالرأي ، من دون الرجوع إلى الكتاب ، والسنّة. (٤)

الدليل من الإجماع

والإجماع هو أهمّ دليل عندهم ، وعليه معوّلهم في هذه المسألة. والغرض منه إجماع الصحابة.

__________________

(١) راجع : تبيين الحقائق (للزيلعي) ١ : ٣٣٤.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٢ : ٣٨ ؛ سنن البيهقي ٥ : ٢٩٤.

(٣) تعرّض لها ابن حزم في ملخّص إبطال القياس : ٢٥ ـ ٢٧.

(٤) إن شئت فراجع : الأصول من الكافي ١ : ٥٤ ـ ٥٨ ؛ بحار الأنوار ٢ : ٢٨٣ ـ ٣١٦ ؛ وسائل الشيعة ١٨ : ٢١ ـ ٤٠ ، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي.

۶۸۸۱