يزول عند العلم بالقرينة المنفصلة ، لا أنّه هناك ظهوران : ظهور لا يزول بالقرينة المنفصلة ، وظهور يزول بها. ولا بأس أن يسمّى هذا الظهور البدويّ «الظهور الذاتيّ». وتسميته بالظهور مسامحة على كلّ حال.

وعلى كلّ حال ـ سواء سمّيت الدلالة التصوّريّة ظهورا أم لم تسمّ ، وسواء سمّي الظنّ البدويّ ظهورا أم لم يسمّ ـ فإنّ موضع الكلام في حجّيّة الظهور هو الظهور الكاشف عن مراد المتكلّم بما هو كاشف ، وإن كان كشفا نوعيّا.

وجه حجّيّة الظهور

إنّ الدليل على حجّيّة الظاهر منحصر في بناء العقلاء. والدليل يتألّف من مقدّمتين قطعيّتين ، على نحو ما تقدّم في الدليل على حجّيّة خبر الواحد من طريق بناء العقلاء. وتفصيلهما هنا أن نقول :

المقدّمة الأولى : أنّه من المقطوع به الذي لا يعتريه الريب أنّ أهل المحاورة من العقلاء قد جرت سيرتهم العمليّة وتبانيهم في محاوراتهم الكلاميّة على اعتماد المتكلّم على ظواهر كلامه في تفهيم مقاصده ، ولا يفرضون عليه أن يأتي بكلام قطعيّ في مطلوبه لا يحتمل الخلاف. وكذلك ـ تبعا لسيرتهم الأولى ـ تبانوا أيضا على العمل بظواهر كلام المتكلّم والأخذ بها في فهم مقاصده ، ولا يحتاجون في ذلك إلى أن يكون كلامه نصّا في مطلوبه لا يحتمل الخلاف.

فلذلك ، يكون الظاهر حجّة للمتكلّم على السامع ، يحاسبه عليه ، ويحتجّ به عليه لو حمله على خلاف الظاهر ، ويكون أيضا حجّة للسامع على المتكلّم ، يحاسبه عليه ، ويحتجّ به عليه لو ادّعى خلاف الظاهر. ومن أجل هذا يؤخذ المرء بظاهر إقراره ، ويدان به (١) وإن لم يكن نصّا في المراد.

المقدّمة الثانية : أنّ من المقطوع به أيضا أنّ الشارع المقدّس لم يخرج في محاوراته واستعماله للألفاظ عن مسلك أهل المحاورة من العقلاء في تفهيم مقاصده ، بدليل أنّ الشارع

__________________

(١) أي يحكم عليه بإقراره.

۶۸۸۱