والاستدلال بهذه المرفوعة من وجهين :
الأوّل : أنّ المراد من الموصول في قوله : «بما اشتهر» مطلق المشهور بما هو مشهور ، لا خصوص الخبر ، فيعمّ المشهور بالفتوى ؛ لأنّ الموصول من الأسماء المبهمة التي تحتاج إلى ما يعيّن مدلولها ، والمعيّن لمدلول الموصول هي الصلة ، وهنا ـ وهي (١) قوله : «اشتهر» ـ تشمل كلّ شيء اشتهر ، حتى الفتوى.
الثاني : أنّه على تقدير أن يراد من الموصول خصوص الخبر ؛ فإنّ المفهوم من المرفوعة إناطة الحكم بالشهرة ، فتدلّ على أنّ الشهرة بما هي شهرة توجب اعتبار المشتهر ، فيدور الحكم معها حيثما دارت ، فالفتوى المشتهرة أيضا معتبرة ، كالخبر المشهور.
والجواب : أمّا عن الوجه الأوّل : فبأنّ الموصول كما يتعيّن المراد منه بالصلة ، كذلك يتعيّن بالقرائن الأخرى المحفوفة به. والذي يعيّنه هنا السؤال المتقدّم عليه ؛ إذ السؤال وقع عن نفس الخبر ، والجواب لا بدّ أن يطابق السؤال. وهذا نظير ما لو سألت : أيّ إخوتك أحبّ إليك؟ فأجبت : «من كان أكبر منّي» ، فإنّه لا ينبغي أن يتوهّم أحد أنّ الحكم في هذا الجواب يعمّ كلّ من كان أكبر منك ، ولو كان من غير إخوتك.
وأمّا عن الوجه الثاني : فبأنّه بعد وضوح إرادة الخبر من الموصول (٢) يكون الظاهر من الجملة تعليق الحكم على الشهرة في خصوص الخبر ، فيكون المناط في الحكم شهرة الخبر بما أنّها شهرة الخبر ، لا الشهرة بما هي ، وإن كانت منسوبة إلى شيء آخر.
وكذلك يقاس الحال في مقبولة ابن حنظلة ، (٣) الآتية في باب التعادل والتراجيح. (٤)
تنبيه
من المعروف عن المحقّقين من علمائنا أنّهم لا يجرءون على مخالفة المشهور إلاّ مع
__________________
(١) أي : الصلة.
(٢) وإليه ذهب أيضا المحقّق الحائريّ في درر الفوائد ٢ : ٤٥.
(٣) راجع وسائل الشيعة ١٨ : ٧٥ ، كتاب القضاء ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.
(٤) يأتي في الصفحة : ٥٨١.