إجماع الكلّ بدون استثناء ، فتخصيص حجّيّته ببعض الأمّة دون بعض بلا مخصّص. نعم ، المخصّص هو الرغبة في إصلاح أصل المذهب ، والمحافظة عليه على كلّ حال.

الإجماع عند الإماميّة

إنّ الإجماع بما هو إجماع لا قيمة علميّة له عند الإماميّة ما لم يكشف عن قول المعصوم ، كما تقدّم وجهه (١). فإذا كشف على نحو القطع عن قوله فالحجّة في الحقيقة هو المنكشف لا الكاشف ، فيدخل حينئذ في السنّة ، ولا يكون دليلا مستقلاّ في مقابلها.

وقد تقدّم أنّه لم تثبت عندنا عصمة الأمّة عن الخطأ ، (٢) وإنّما أقصى ما يثبت عندنا من اتّفاق الأمّة أنّه يكشف عن رأي من له العصمة ، فالعصمة في المنكشف لا في الكاشف.

وعلى هذا ، فيكون الإجماع منزلته منزلة الخبر المتواتر ، الكاشف بنحو القطع عن قول المعصوم ، فكما أنّ الخبر المتواتر ليس بنفسه دليلا على الحكم الشرعيّ رأسا ، بل هو دليل على الدليل (٣) على الحكم ، فكذلك الإجماع ليس بنفسه دليلا ، بل هو دليل على الدليل.

غاية الأمر أنّ هناك فرقا بين الإجماع والخبر المتواتر : إنّ الخبر دليل لفظيّ على قول المعصوم ، أي إنّه يثبت به نفس كلام المعصوم ولفظه فيما إذا كان التواتر للّفظ.

أمّا : الإجماع فهو دليل قطعيّ على نفس رأي المعصوم ، لا على لفظ خاصّ له ؛ لأنّه لا يثبت به ـ في أيّ حال ـ أنّ المعصوم قد تلفّظ بلفظ خاصّ معيّن في بيانه للحكم ؛ ولأجل هذا يسمّى الإجماع بـ «الدليل اللبّيّ» ، نظير الدليل العقليّ. يعني : أنّه يثبت بهما نفس المعنى والمضمون من الحكم الشرعيّ الذي هو كاللبّ بالنسبة إلى اللفظ الحاكي عنه الذي هو كالقشر له.

والثمرة بين الدليل اللفظيّ واللبّيّ تظهر في المخصّص إذا كان لبّيّا أو لفظيّا ، على ما ذكره الشيخ الأنصاريّ ـ كما تقدّم ـ (٤) لذهابه إلى جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة

__________________

(١ و ٢). تقدّم في الصفحة : ٤٤٥ ـ ٤٤٨.

(٣) وهو قول المعصوم مثلا. فالخبر المتواتر كاشف عن قول المعصوم ـ مثلا ـ الذي هو الدليل على الحكم الشرعيّ.

(٤) تقدّم في المقصد الأوّل : ١٦٥.

۶۸۸۱