وعليه ، فحمل النقض على معناه الحقيقيّ أولى ، ما دام أنّ ذلك يصحّ بلا محذور.

النتيجة : أنّه إذا تمّت هذه المقدّمات فصحّ إسناد النقض الحقيقيّ إلى اليقين ؛ من أجل وثاقته من جهة ما هو يقين ، وإن كان النهي عنه يراد به لازم معناه على سبيل الكناية. فإنّا نقول : إنّ اليقين لمّا كان في نفسه مبرما ومحكما فلا يحتاج في صحّة إسناد النقض إليه إلى فرض أن يكون متعلّقه ممّا له استعداد في ذاته للبقاء ، وإنّما يلزم ذلك لو كان الإسناد اللفظيّ إلى نفس المتيقّن ولو على نحو المجاز. وأمّا : كون أنّ المراد الجدّيّ هو النهي عن ترك مقتضى اليقين ـ الذي هو عبارة عن لزوم العمل بالمتيقّن ـ فإنّ ذلك مراد لبّيّ ، وليس فيه إسناد للنقض إلى المتيقّن في مقام اللفظ ، حتى يكون ذلك قرينة لفظيّة على المراد من المتيقّن. والسرّ في ذلك أنّ الكناية لا يقدّر فيها لفظ المكنيّ عنه ، على أنّ المكنيّ عنه ليس هو حرمة نقض المتيقّن ، بل ـ كما تقدّم ـ هو حرمة ترك مقتضى اليقين الذي هو عبارة عن لزوم العمل بالمتيقّن ، فلا نقض مسند إلى المتيقّن ، لا لفظا ولا لبّا ، حتى يكون ذلك قرينة على أنّ المراد من المتيقّن هو ما له استعداد في ذاته للبقاء ؛ لأجل أن يكون مبرما يصحّ إسناد النقض إليه.

الخلاصة

وخلاصة ما توصّلنا إليه هو أنّ الحقّ أنّ النقض مسند إلى نفس اليقين ، بلا مجاز في الكلمة ، ولا في الإسناد ، ولا على حذف مضاف ، ولكنّ النهي عنه جعل عنوانا على سبيل الكناية عن لازم معناه ، وهو لزوم الأخذ بالمتيقّن في ثاني الحال بترتيب آثاره الشرعيّة عليه ، وهذا المكنيّ عنه عبارة أخرى عن الحكم ببقاء المتيقّن. وإذا كان النهي عن نقض اليقين من باب الكناية فلا يستدعي ذلك أن نفرض في متعلّقه استعداد البقاء ليتحقّق معنى النقض ؛ لأنّه متحقّق بدون ذلك.

وعليه ، فمقتضى الأخبار حجّيّة الاستصحاب في موردي الشكّ في المقتضي والرافع معا.

ونحن إذا توصّلنا إلى هنا من بيان حجّيّة الاستصحاب مطلقا في مقابل التفصيل الذي ذهب إليه الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره ، لا نجد كثير حاجة في التعرّض للتفصيلات الأخرى في هذا

۶۸۸۱