وإنّما قلنا : «نوع الحكم» (١) ؛ لأنّ شخص كلّ حكم في القضيّة الشرطيّة أو غيرها ينتفي بانتفاء موضوعه ، أو أحد قيود الموضوع ، سواء كان للقضيّة مفهوم ، أو لم يكن.

وفي مفهوم الشرطيّة قولان : أقواهما أنّها تدلّ على الانتفاء عند الانتفاء.

المناط في مفهوم الشرط

إنّ دلالة الجملة الشرطيّة على المفهوم تتوقّف على دلالتها ـ بالوضع أو بالإطلاق ـ على أمور ثلاثة مترتّبة :

١. دلالتها على الارتباط والملازمة بين المقدّم والتالي.

٢. دلالتها ـ زيادة على الارتباط والملازمة ـ على أنّ التالي معلّق على المقدّم ، ومترتّب عليه ، وتابع له ، فيكون المقدّم سببا للتالي. والمقصود من السبب هنا هو كلّ ما يترتّب عليه الشيء وإن كان شرطا ونحوه ، فيكون أعمّ من السبب المصطلح في فنّ المعقول.

٣. دلالتها ـ زيادة على ما تقدّم ـ على انحصار السببيّة في المقدّم ، بمعنى أنّه لا سبب بديل له يترتّب عليه التالي.

وتوقّف المفهوم للجملة الشرطيّة على هذه الأمور الثلاثة واضح ؛ لأنّه لو كانت الجملة اتّفاقيّة أو كان التالي غير مترتّب على المقدّم أو كان مترتّبا ولكن لا على نحو الانحصار فيه فإنّه في جميع ذلك لا يلزم من انتفاء المقدّم انتفاء التالي.

وإنّما الذي ينبغي إثباته هنا هو أنّ الجملة ظاهرة في هذه الأمور الثلاثة وضعا أو إطلاقا ؛ لتكون حجّة في المفهوم.

والحقّ ظهور الجملة الشرطيّة في هذه الأمور ؛ وضعا في بعضها ؛ وإطلاقا في

__________________

(١) وقد يعبّر عنه بـ «سنخ الحكم» ويقال : إنّ المقصود من انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط أو الوصف هو انتفاء سنخ الحكم لا شخصه. بيان ذلك : أنّ انتفاء الحكم الشخصيّ عند انتفاء القيد ضروريّ لا يقبل النزاع ، فإذا قيل : «إذا جاء زيد فأكرمه» فعند عدم المجىء لا يتحقّق وجوب الإكرام المسبّب عن المجيء ، قطعا ؛ إنّما الكلام في انتفاء وجوب الإكرام رأسا عند انتفاء المجيء ، بمعنى أنّ زيدا عند انتفاء المجيء محكوم بعدم وجوب إكرامه مطلقا ، أي حتى الوجوب الذي يفرض عند تحقّق شيء آخر.

۶۸۸۱