الباب السادس

الشهرة

إنّ الشهرة لغة تتضمّن معنى ذيوع الشيء ووضوحه. ومنه قولهم : «شهر فلان سيفه» ، و «سيف مشهور».

وقد أطلقت «الشهرة» باصطلاح أهل الحديث على كلّ خبر كثر راويه على وجه لا يبلغ حدّ التواتر. والخبر يقال له حينئذ : «مشهور» ، كما قد يقال له : «مستفيض».

وكذلك يطلقون «الشهرة» باصطلاح الفقهاء على كلّ ما لا يبلغ درجة الإجماع من الأقوال في المسألة الفقهيّة. فهي عندهم لكلّ قول كثر القائل به في مقابل القول النادر. والقول يقال له : «مشهور» ، كما أنّ المفتين الكثيرين أنفسهم يقال لهم : «مشهور» ، فيقولون : «ذهب المشهور إلى كذا» ، و «قال المشهور بكذا» ... وهكذا.

وعلى هذا ، فالشهرة في الاصطلاح على قسمين :

١. الشهرة في الرواية : وهي ـ كما تقدّم ـ عبارة عن شيوع نقل الخبر من عدّة رواة ، على وجه لا يبلغ حدّ التواتر. ولا يشترط في تسميتها بـ «الشهرة» أن يشتهر العمل بالخبر عند الفقهاء أيضا ، فقد يشتهر وقد لا يشتهر. وسيأتي في مبحث التعادل والتراجيح (١) أنّ هذه الشهرة من أسباب ترجيح الخبر على ما يعارضه من الأخبار. فيكون الخبر المشهور حجّة من هذه الجهة.

٢. الشهرة في الفتوى : وهي ـ كما تقدّم ـ عبارة عن شيوع الفتوى عند الفقهاء بحكم شرعيّ ، وذلك بأن يكثر المفتون على وجه لا تبلغ الكثرة (٢) درجة الإجماع الموجب للقطع

__________________

(١) يأتي في الصفحة : ٥٨٤.

(٢) أي كثرة المفتين. وفي المطبوع : «لا تبلغ الشهرة» والصحيح ما اثبتناه.

۶۸۸۱