الملازمة جملة من الأخباريّين (١) وبعض الأصوليّين كصاحب الفصول (٢).

٤. إنّه بعد ثبوت الملازمة وحصول القطع بأنّ الشارع لا بدّ أن يحكم على طبق ما حكم به العقل فهل هذا القطع حجّة شرعا؟

ومرجع هذا النزاع إلى ثلاث نواح :

الأولى : في إمكان أن ينفي الشارع حجيّة هذا القطع وينهى عن الأخذ به.

الثانية : بعد فرض إمكان نفي الشارع حجيّة القطع هل نهى عن الأخذ بحكم العقل وإن استلزم القطع كقول الإمام عليه‌السلام : «إنّ دين الله لا يصاب بالعقول» (٣) على تقدير تفسيره بذلك؟

والنزاع في هاتين الناحيتين وقع مع الأخباريّين جلّهم أو كلّهم.

الثالثة : بعد فرض عدم إمكان نفي الشارع حجّيّة القطع هل معنى حكم الشارع على طبق حكم العقل هو أمره ونهيه ، أو أنّ حكمه إدراكه وعلمه بأنّ هذا الفعل ينبغي فعله أو تركه ، وهو شيء آخر غير أمره ونهيه ، فإثبات أمره ونهيه يحتاج إلى دليل آخر ، ولا يكفي القطع بأنّ الشارع حكم بما حكم به العقل؟

وعلى كلّ حال ، فإنّ الكلام في هذه النواحي سيأتي في مباحث الحجّة (المقصد الثالث) (٤) وهو النزاع في حجّيّة العقل. وعليه ، فنحن نتعرّض هنا للمباحث الثلاثة الأولى ، ونترك المبحث الرابع بنواحيه إلى المقصد الثالث.

المبحث الأوّل : التحسين والتقبيح العقليّان

اختلف الناس في حسن الأفعال وقبحها هل إنّهما عقليّان أو شرعيّان ، بمعنى أنّ الحاكم بهما هل هو العقل أو الشرع؟

فقالت الأشاعرة : لا حكم للعقل في حسن الأفعال وقبحها ، وليس الحسن والقبح عائدين

__________________

(١) مرّ في التعليقة (١) من الصفحة السابقة.

(٢) الفصول الغرويّة : ٣٣٧.

(٣) عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال : «إنّ دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة». مستدرك الوسائل ١٧ : ٢٦٢.

(٤) يأتي في الباب الرابع من المقصد الثالث.

۶۸۸۱