لا يصلح أن يكون مكذّبا لما هو حجّة ، وإن كان منافيا له في مدلوله فلا يكون معارضا له ، لما قلنا من أنّ التعارض وصف للدالّين بما هما دالاّن في مقام الإثبات ، وإذ لا إثبات فيما هو غير حجّة فلا يكذّب ما فيه الإثبات ؛ إذن ، لا تعارض بين الحجّة واللاحجّة ، كما لا تعارض بين اللاحجّتين.

ومن هنا يتّضح أنّه لو كان هناك خبر ـ مثلا ـ غير واجد لشرائط الحجّيّة ، واشتبه بما هو واجد لها ، فإنّ الخبرين لا يدخلان في باب التعارض ، فلا تجري عليهما أحكامه وقواعده ، وإن كان من جهة العلم بكذب أحدهما حالهما حال المتعارضين. نعم ، في مثل هذين الخبرين تجري قواعد العلم الإجماليّ.

٥. ألاّ يكون الدليلان متزاحمين ؛ فإنّ للتعارض قواعد غير قواعد التزاحم على ما يأتي ، (١) وإن كان المتعارضان يشتركان مع المتزاحمين في جهة واحدة ، وهي امتناع اجتماع الحكمين في التحقّق في موردهما ، ولكنّ الفرق في جهة الامتناع ، فإنّه في التعارض من جهة التشريع ، فيتكاذب الدليلان ، وفي التزاحم من جهة الامتثال ، فلا يتكاذبان. ولا بدّ من إفراد بحث مستقلّ في بيان الفرق ، كما سيأتي. (٢)

٦. ألاّ يكون أحد الدليلين حاكما على الآخر.

٧. ألاّ يكون أحدهما واردا على الآخر.

وسيأتي أنّ الحكومة والورود يرفعان التعارض والتكاذب بين الدليلين. (٣) ولا بدّ من إفراد بحث عنهما أيضا ، فإنّه أمر أساسيّ في تحقيق التعارض وفهمه.

٣. الفرق بين التعارض والتزاحم

تقدّم (٤) بيان الحقّ الذي ينبغي أن يعوّل عليه في سرّ التفرقة بين بابي التعارض والتزاحم ، ثمّ بينهما ، وبين باب اجتماع الأمر والنهي.

__________________

(١ و ٢) يأتي في المبحث الآتي.

(٣) يأتي في الصفحة : ٥٥٣ وما بعدها.

(٤) تقدّم في المقصد الثاني : ٣٢٧ ـ ٣٣٢.

۶۸۸۱