المقدّمة

تبحث عن أمور لها علاقة بوضع الألفاظ واستعمالها ودلالتها ، وفيها أربعة عشر مبحثا :

١. حقيقة الوضع

لا شكّ أنّ دلالة الألفاظ على معانيها ـ في أيّة لغة كانت ـ ليست ذاتيّة ، كذاتيّة دلالة الدخان ـ مثلا ـ على وجود النار ـ وإن توهّم ذلك بعضهم (١) ـ لأنّ لازم هذا الزعم أن يشترك جميع البشر في هذه الدلالة ، مع أنّ الفارسيّ ـ مثلا ـ لا يفهم الألفاظ العربيّة ولا غيرها من دون تعلّم ، وكذلك العكس في جميع اللغات ، وهذا واضح.

وعليه ، فليست دلالة الألفاظ على معانيها إلاّ بالجعل والتخصيص من واضع تلك الألفاظ لمعانيها. ولذا تدخل الدلالة اللفظيّة هذه في الدلالة الوضعيّة.

٢. من الواضع؟

ولكن من ذلك الواضع الأوّل في كلّ لغة من اللغات؟

قيل : (٢) إنّ الواضع لا بدّ أن يكون شخصا واحدا يتبعه جماعة من البشر في التفاهم

__________________

(١) ومنهم سليمان بن عباد الصيمريّ على ما في بعض الكتب ، كالفصول : ٢٣ ، ومفاتيح الأصول : ٢.

وذهب المحقّق النائينيّ أيضا إلى أنّها ذاتيّة ولكن لا بحيث يلزم من تصوّره تصوّر المعنى. راجع أجود التقريرات ١ : ١٩ ، فوائد الأصول ١ : ٣٠ ـ ٣١.

(٢) من قال به هو الأشاعرة ، فإنّهم قالوا بأنّ الواضع هو الله (تعالى) على ما في الكتب ، كالفصول : ٢٣ ، ـ

۶۸۸۱