المستفادين من قوله (تعالى) : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ ، (١) وقوله (تعالى) : ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٢).
والواجب التبعيّ «ما لم تقصد إفادة وجوبه ، بل كان من (٣) توابع ما قصدت إفادته (٤)». وهذا كوجوب المشي إلى السوق المفهوم من أمر المولى بوجوب شراء اللحم من السوق ، فإنّ المشي إليها حينئذ يكون واجبا لكنّه لم يكن مقصودا بالإفادة من الكلام ، كما في كلّ دلالة التزاميّة فيما لم يكن اللزوم فيها من قبيل البيّن بالمعنى الأخصّ.
٤. التخييريّ والتعيينيّ
الواجب التعيينيّ «ما تعلّق به الطلب بخصوصه ، وليس له عدل في مقام الامتثال» ، كالصّلاة والصوم في شهر رمضان ، فإنّ الصلاة واجبة لمصلحة في نفسها لا يقوم مقامها واجب آخر في عرضها. وقد عرّفناه فيما سبق بقولنا : «هو الواجب بلا واجب آخر يكون عدلا له وبديلا عنه في عرضه» (٥). وإنّما قيّدنا البديل [بقولنا] : «في عرضه» ؛ لأنّ بعض الواجبات التعيينيّة قد يكون لها بديل في طولها ولا يخرجها عن كونها واجبات تعيينيّة ، كالوضوء ـ مثلا ـ الذي له بديل في طوله وهو التيمّم ؛ لأنّه إنّما يجب إذا تعذّر الوضوء ، وكالغسل بالنسبة إلى التيمّم أيضا كذلك ، وكخصال الكفّارة المرتّبة ، نحو كفّارة قتل الخطأ ، وهي العتق أوّلا ، فإن تعذّر فصيام شهرين ، فإن تعذّر فإطعام ستّين مسكينا.
__________________
ـ والواقع؟ فذهب إلى الأوّل صاحب الفصول ، راجع الفصول الغرويّة : ٨٢. وإلى الثاني الشيخ الأنصاريّ وتلميذه المحقّق الخراسانيّ ، فراجع مطارح الأنظار : ٧٨ ، وكفاية الأصول : ١٥٢. وذهب إلى الثاني أيضا المصنّف رحمهالله.
ولا يخفى أنّه على الأوّل ينقسم الواجب النفسيّ والغيريّ إلى الأصليّ والتبعيّ. وعلى الثاني فالنفسيّ لا ينقسم إليهما ، بل هو دائما أصليّ بهذا المعنى ؛ إذ الواجب النفسيّ لو لم يكن مرادا بالإرادة الاستقلاليّة ولم يكن ملتفتا إليه لم يكن هناك وجوب أصلا. هذا ، ومن أراد التفصيل فليراجع المطوّلات.
(١) البقرة (٢) الآيات : ٤٣ ، ٨٣ ، ١١٠.
(٢) المائدة (٥) الآية : ٦.
(٣) وفي «س» : بل كان وجوبه من ....
(٤) أي إفادة وجوبه.
(٥) راجع الصفحة : ٩٢.