العنوان في المعنون (١).

وعلى هذا ، فلا يمكن استعمال لفظ واحد إلاّ في معنى واحد ؛ فإنّ استعماله في معنيين مستقلاّ ـ بأن يكون كلّ منهما مرادا من اللفظ على حدة ، كما إذا لم يكن إلاّ نفسه ـ يستلزم لحاظ كلّ منهما بالأصالة ، فلا بدّ من لحاظ اللفظ في آن واحد مرّتين بالتبع ، ومعنى ذلك اجتماع لحاظين في آن واحد على ملحوظ واحد ، أعني به (٢) اللفظ الفاني في كلّ من المعنيين ، وهو محال بالضرورة ؛ فإنّ الشيء الواحد لا يقبل إلاّ وجودا واحدا في النفس في آن واحد (٣).

ألا ترى أنّه لا يمكن أن يقع لك أن تنظر في مرآة واحدة إلى صورة تسع المرآة كلّها ، وتنظر ـ في نفس الوقت ـ إلى صورة أخرى تسعها أيضا. إنّ هذا لمحال.

وكذلك النظر في اللفظ إلى معنيين ، على أن يكون كلّ منهما قد استعمل فيه اللفظ مستقلاّ ، ولم يحك إلاّ عنه.

نعم ، يجوز لحاظ اللفظ فانيا في معنى في استعمال ، ثمّ لحاظه فانيا في معنى آخر في استعمال ثان ، مثل ما تنظر في المرآة إلى صورة تسعها ، ثمّ تنظر في وقت آخر إلى صورة أخرى تسعها.

وكذا يجوز لحاظ اللفظ في مجموع معنيين في استعمال واحد ولو مجازا ، مثلما تنظر في المرآة في آن واحد إلى صورتين لشيئين مجتمعين. وفي الحقيقة إنّما استعملت اللفظ في معنى واحد هو مجموع المعنيين ، ونظرت في المرآة إلى صورة واحدة لمجموع الشيئين.

تنبيهان

الأوّل : أنّه لا فرق في عدم جواز الاستعمال في المعنيين بين أن يكونا حقيقيّين أو

__________________

(١) من قوله : «وهذا نظير الصورة» إلى هنا اقتباس من كلام المحقّق الخراسانيّ في كفاية الأصول : ٥٣.

(٢) أي الملحوظ الواحد.

(٣) انتهى ما استدلّ به المحقّق النائينيّ على عدم جواز الاستعمال ، كما في أجود التقريرات ١ : ٧٦ ؛ وناقش فيه السيّد المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ١ : ٢٠٦. ومناقشته تبتني على مبناه في حقيقية الوضع.

۶۸۸۱