ولم يعلم اختصاصه به فالظاهر في فعله أنّ حكمه فيه حكم سائر الناس ؛ فيكون فعله حجّة علينا ، وحجّة لنا ، لا سيّما مع ما دلّ على عموم حسن التأسّي به. (١)

ولا نقول ذلك من جهة قاعدة الحمل على الأعمّ الأغلب ، فإنّا لا نرى حجّيّة مثل هذه القاعدة في كلّ مجالاتها. وإنّما ذلك من باب التمسّك بالعامّ في الدوران في التخصيص بين الأقلّ والأكثر.

٢. دلالة تقرير المعصوم

المقصود من تقرير المعصوم أن يفعل شخص بمشهد المعصوم وحضوره فعلا ، فيسكت المعصوم عنه ، مع توجّهه إليه ، وعلمه بفعله ، وكان المعصوم بحالة يسعه تنبيه الفاعل لو كان مخطئا. والسعة تكون من جهة عدم ضيق الوقت عن البيان ، ومن جهة عدم المانع منه ، كالخوف ، والتقيّة ، واليأس من تأثير الإرشاد ، والتنبيه ، ونحو ذلك ؛ فإنّ سكوت المعصوم عن ردع الفاعل ، أو عن بيان شيء حول الموضوع لتصحيحه يسمّى تقريرا للفعل ، أو إقرارا عليه ، أو إمضاء له ، ما شئت فعبّر.

وهذا التقرير ـ إذا تحقّق بشروطه المتقدّمة ـ فلا شكّ في أنّه يكون ظاهرا في كون الفعل جائزا فيما إذا كان محتمل الحرمة ، كما أنّه يكون ظاهرا في كون الفعل مشروعا صحيحا فيما إذا كان عبادة أو معاملة ؛ لأنّه لو كان في الواقع محرّما أو كان فيه خلل لكان على المعصوم نهيه عنه وردعه إذا كان الفاعل عالما عارفا بما يفعل ، وذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولكان عليه بيان الحكم ووجه الفعل ؛ إذا كان الفاعل جاهلا بالحكم ، وذلك من باب وجوب تعليم الجاهل.

ويلحق بتقرير الفعل تقرير بيان الحكم ، كما لو بيّن شخص بمحضر المعصوم حكما ، أو كيفيّة عبادة ، أو معاملة ، وكان بوسع المعصوم البيان فإنّ سكوت الإمام يكون ظاهرا في كونه إقرارا على قوله ، وتصحيحا وإمضاء له.

وهذا كلّه واضح ، ليس فيه موضع للخلاف.

__________________

(١) كقوله (تعالى) : ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ الأحزاب (٣٣) الآية : ٢١.

۶۸۸۱