بقول المعصوم.

فالمقصود بالشهرة ـ إذن ـ ذيوع الفتوى الموجب للاعتقاد بمطابقتها (١) للواقع من غير أن يبلغ (٢) درجة القطع.

وهذه الشهرة في الفتوى على قسمين من جهة وقوع البحث عنها والنزاع فيها :

الأوّل : أن يعلم فيها أنّ مستندها خبر خاصّ موجود بين أيدينا. وتسمّى حينئذ «الشهرة العمليّة». وسيأتي في باب التعادل والتراجيح البحث عمّا إذا كانت هذه الشهرة العمليّة موجبة لجبر الخبر الضعيف من جهة السند ، والبحث أيضا عمّا إذا كانت موجبة لجبر الخبر غير الظاهر من جهة الدلالة. (٣)

الثاني : ألاّ يعلم فيها أنّ مستندها أيّ شيء هو؟ فتكون شهرة في الفتوى مجرّدة ، سواء كان هناك خبر على طبق الشهرة ولكن لم يستند إليها المشهور ، أو لم يعلم استنادهم إليه ، أم لم يكن خبر أصلا. وينبغي أن تسمّى هذه بـ «الشهرة الفتوائيّة». وهي ـ أعني الشهرة الفتوائيّة ـ موضوع بحثنا هنا الذي لأجله عقدنا هذا الباب. فقد قيل (٤) : «إنّ هذه الشهرة حجّة على الحكم الذي وقعت عليه الفتوى من جهة كونها شهرة ، فتكون من الظنون الخاصّة ، كخبر الواحد». وقيل : «لا دليل على حجّيتها». (٥)

وهذا الاختلاف بعد الاتّفاق على أنّ فتوى مجتهد واحد أو أكثر ما لم تبلغ الشهرة

__________________

(١) أي مطابقة الفتوى.

(٢) أي الاعتقاد.

(٣) يأتي في الصفحة ٥٨٤.

(٤) نسب إلى الشهيد الأوّل ترجيحه هذا القول ، ونقله عن بعض الأصحاب ، من دون أن يذكر اسمه. ونسب أيضا إلى المحقّق الخوانساريّ اختيار هذا القول. وعزي كذلك إلى صاحب المعالم. * ولكنّ الشهرة على خلافهم ـ منه قدس‌سره ـ.

(٥) وهذا هو المعروف عند أكثر المتأخّرين ، فراجع كتبهم كفرائد الأصول ١ : ١٠٥ ـ ١٠٧ ؛ كفاية الأصول : ٣٣٦ ؛ فوائد الأصول ٣ : ١٥٣ ـ ١٥٦ ؛ نهاية الأفكار ٣ : ١٠١.

__________________

* أقول : والناسب إليهم صاحب الفصول ، والسيّد المجاهد ، فراجع الفصول الغرويّة : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، ومفاتيح الأصول : ٤٩٨. وراجع كلام الشهيد في الذكرى ١ : ٥٢.

۶۸۸۱