المنجّز هو الأوّل دون الثاني.
وحينئذ ، فإن قلنا بأنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ ، فإنّ الضدّ العباديّ يكون منهيّا عنه في الفرض ، والنهي في العبادة يقتضي الفساد ، فإذا أتي به وقع فاسدا. وإن قلنا بأنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه الخاصّ ، فإنّ الضدّ العباديّ لا يكون منهيّا عنه ، فلا مقتضي لفساده.
وأرجحيّة الواجب على ضدّه الخاصّ العباديّ تتصوّر في أربعة موارد :
١. أن يكون الضدّ العباديّ مندوبا ، ولا شكّ في أنّ الواجب مقدّم على المندوب ، كاجتماع الفريضة مع النافلة ؛ فإنّه بناء على اقتضاء الأمر بالشيء للنهي عن ضدّه لا يصحّ الاشتغال بالنافلة مع حلول وقت الفريضة ، ولا بدّ أن تقع النافلة فاسدة. نعم ، لا بدّ أن تستثنى من ذلك نوافل الوقت ؛ لورود الأمر بها في خصوص وقت الفريضة ، كنافلتي الظهر والعصر.
وعلى هذا ، فمن كان عليه قضاء الفوائت لا تصحّ منه النوافل مطلقا ، بناء على النهي عن الضدّ ، بخلاف ما إذا لم نقل بالنهي عن الضدّ ؛ فإنّ عدم جواز فعل النافلة حينئذ يحتاج إلى دليل خاصّ.
٢. أن يكون الضدّ العباديّ واجبا ، ولكنّه أقلّ أهميّة عند الشارع من الأوّل ، كما في مورد اجتماع إنقاذ نفس محترمة من الهلكة مع الصلاة الواجبة.
٣. أن يكون الضدّ العباديّ واجبا ، ولكنه موسّع الوقت ، والأوّل مضيّق ، ولا شكّ في أنّ المضيّق مقدّم على الموسّع وإن كان الموسّع أكثر أهميّة منه. مثاله : اجتماع قضاء الدين الفوريّ مع الصلاة في سعة وقتها. وإزالة النجاسة عن المسجد مع الصلاة في سعة الوقت.
٤. أن يكون الضدّ العباديّ واجبا أيضا ، ولكنّه مخيّر ، والأوّل واجب معيّن ، ولا شكّ في أنّ المعيّن مقدّم على المخيّر وإن كان المخيّر أكثر أهميّة منه ؛ لأنّ المخيّر ، له بدل دون المعيّن. مثاله : اجتماع سفر منذور في يوم معيّن مع [الصوم من] خصال الكفّارة ، فلو ترك المكلّف السفر واختار الصوم من خصال الكفّارة ، فإن كان الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه كان الصوم منهيّا عنه فاسدا.