البعض الآخر.

١. أمّا دلالتها على الارتباط ووجود العلقة اللزوميّة بين الطرفين ، فالظاهر أنّه بالوضع بحكم التبادر ؛ ولكن لا بوضع خصوص أدوات الشرط (١) حتّى ينكر وضعها لذلك ، بل بوضع الهيئة التركيبيّة للجملة الشرطيّة بمجموعها (٢). وعليه فاستعمالها في الاتّفاقيّة يكون بالعناية وادّعاء التلازم والارتباط بين المقدّم والتالي إذا اتّفقت لهما المقارنة في الوجود.

٢. وأمّا دلالتها على أنّ التالي مترتّب على المقدّم بأيّ نحو من أنحاء الترتّب فهو بالوضع أيضا ، ولكن لا بمعنى أنّها موضوعة بوضعين : وضع للتلازم ، ووضع آخر للترتّب ، بل بمعنى أنّها موضوعة بوضع واحد ؛ للارتباط الخاصّ وهو ترتّب التالي على المقدّم.

والدليل على ذلك هو تبادر ترتّب التالي على المقدّم منها ، فإنّها تدلّ على أنّ المقدّم وضع فيها موضع الفرض والتقدير ، وعلى تقدير حصوله فالتالي حاصل عنده تبعا ـ أي يتلوه في الحصول ـ. أو فقل : إنّ المتبادر منها لابديّة الجزاء عند فرض حصول الشرط. وهذا لا يمكن أن ينكره إلاّ مكابر أو غافل ، فإنّ هذا هو معنى التعليق الذي هو مفاد الجملة الشرطيّة التي لا مفاد لها غيره. ومن هنا سمّوا الجزء الأوّل منها «شرطا ومقدّما» ، وسمّوا الجزء الثاني «جزاء وتاليا».

فإذا كانت جملة إنشائيّة ـ أي إنّ التالي متضمّن لإنشاء حكم تكليفيّ أو وضعيّ ـ فإنّها تدلّ على تعليق الحكم على الشرط ، فتدلّ على انتفاء الحكم عند انتفاء الشرط المعلّق عليه الحكم.

وإذا كانت جملة خبريّة ـ أي إنّ التالي متضمّن لحكاية خبر ـ فإنّها تدلّ على تعليق حكايته على المقدّم ، سواء كان المحكيّ عنه خارجا وفي الواقع مترتّبا على المقدّم ، فتتطابق الحكاية مع المحكيّ عنه ، كقولنا : «إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود» ، أو مترتّبا عليه بأن كان العكس كقولنا : «إن كان النهار موجودا فالشمس طالعة» ، أو كان لا ترتّب بينهما ، كالمتضايفين في مثل قولنا : «إن كان خالد ابنا لزيد فزيد أبوه».

__________________

(١) كما في هداية المسترشدين : ٢٨٢ ، ومطارح الأنظار : ١٧٠.

(٢) كما في الفصول الغرويّة : ١٤٧.

۶۸۸۱