ويسمّى العلم الإجماليّ المنحلّ بالعلم الإجماليّ الكبير ، والعلم الإجماليّ المسبّب لانحلاله بالعلم الإجماليّ الصغير ؛ لأنّ أطرافه أقلّ عدداً. ويعبّر عن ذلك بقاعدة انحلال العلم الإجماليّ الكبير بالعلم الإجماليّ الصغير.
ويتوقّف انحلال علمٍ إجماليٍّ بعلمٍ إجماليٍّ ثانٍ :
أوّلاً : على أن تكون أطراف الثاني بعض أطراف العلم الأوّل المنحلّ ، كما رأينا في المثال.
وثانياً : على أن لا يزيد عدد المعلوم بالإجمال في العلم الأوّل المنحلّ على المعلوم إجمالاً بالعلم الثاني ، فلو زاد لم ينحلّ ، كما لو افترضنا في المثال أنّ العلم الثاني تعلّق بنجاسة مائعٍ في ضمن الخمسة فإنّ العلم الإجماليّ بنجاسة المائع الثاني في ضمن العشرة يظل ثابتاً.
ويختلّ الركن الثالث فيما إذا كان أحد الطرفين مجرىً لاستصحاب منجّزٍ للتكليف ، لا للبراءة ، ومثاله : أن يعلم إجمالاً بنجاسة أحد الإناءين ، غير أنّ أحدهما كان نجساً في السابق ويشكّ في بقاء نجاسته ، ففي هذه الحالة يكون الإناء المسبوق بالنجاسة مجرىً في نفسه لاستصحاب النجاسة ، لا لأصالة البراءة أو أصالة الطهارة ، فتجري الاصول المؤمّنة في الإناء الآخر بدون معارض ، وتبطل بذلك منجّزيّة العلم الإجماليّ ، ويسمّى ذلك بالانحلال الحكميّ تمييزاً له عن الانحلال الحقيقيّ الذي تقدّم في حالة اختلال الركن الثاني.
وإنّما يسمّى بالانحلال الحكميّ لأنّ العلم الإجماليّ موجود حقيقةً ولكنّه لا حكم له عمليّاً ؛ لأنّ الإناء المسبوق بالنجاسة حكمه منجّز بالاستصحاب ، والإناء الآخر لا منجّزيّة لحكمه ؛ لجريان الأصل المؤمّن فيه ، فكأنّ العلم الإجماليّ غير موجود ، وهذا هو محصّل ما يقال من أنّ العلم الإجماليّ إذا كان أحد طرفيه مجرىً لأصلٍ مثبتٍ للتكليف وكان الطرف الآخر مجرىً لأصلٍ مؤمّنٍ انحلّ العلم