الإجماليّ.
ومثال آخر لاختلال هذا الركن ، وهو : أن يكون أحد طرفي العلم الإجماليّ خارجاً عن محلّ الابتلاء ، ومعنى الخروج كذلك : أن تكون المخالفة في هذا الطرف ممّا لا تقع من المكلّف عادةً ؛ لأنّ ظروفه لا تيسّر له ذلك وإن كانت لا تعجّزه تعجيزاً حقيقيّاً ، فالمخالفة غير مقدورةٍ عرفاً وإن كانت مقدورةً عقلاً ، كما لو علم بنجاسة وحرمة طعامٍ مردّدٍ بين اللبن الموجود على مائدته ولبنٍ موجودٍ في بلدٍ آخر لا يصل إليه عادةً في حياته ؛ وإن كان الوصول ممكناً من الناحية النظريّة والعقليّة ، ففي هذه الحالة لا يكون هذا اللبن الخارج عن محلّ الابتلاء مجرىً للبراءة في نفسه ، إذ لا محصّل عرفاً للتأمين من ناحية تكليفٍ لا يتعرّض المكلّف إلى مخالفته عادةً ، فتجري البراءة عن حرمة اللبن الآخر بدون معارض.
وهذا هو معنى ما يقال عادةً من أنّ تنجيز العلم الإجماليّ يشترط فيه دخول كلا طرفيه في محلّ الابتلاء.
ويختلّ الركن الرابع في حالات :
منها : حالة دوران الأمر بين المحذورين ، وهي : ما إذا علم إجمالاً بأنّ هذا الفعل إمّا واجب وإمّا حرام ، فإنّ هذا العلم الإجماليّ لا تمكن مخالفته القطعيّة ، كما لا تمكن موافقته القطعيّة ، فإذا جرت البراءة عن الوجوب وجرت البراءة عن الحرمة معاً لم يلزم محذور الترخيص في المخالفة القطعيّة ؛ لأنّها غير معقولةٍ على كلّ حال.
ومنها : حالة كون الأطراف غير محصورة ، وتسمّى بالشبهة غير المحصورة ، وهي : أن يكون للعلم الإجماليّ أطراف كثيرة جدّاً على نحوٍ لا يتيسّر للمكلّف ارتكاب المخالفة فيهاجميعاً لكثرتها ، ففي مثل ذلك تجري البراءة في جميع الأطراف ، إذ لا يلزم من ذلك تمكين المكلّف من المخالفة القطعيّة.