يقين من وضوئه» جملة خبريّة هي جواب الشرط (١). ومعنى هذه الجملة الشرطيّة أنّه إن لم يستيقن بأنّه قد نام فإنّه باق على يقين من وضوئه ، أي إنّه لم يحصل ما يرفع اليقين به ، وهو اليقين بالنوم. وهذه مقدّمة تمهيديّة ، وتوطئة لبيان أنّ الشكّ ليس رافعا لليقين ، وإنّما الذي يرفعه اليقين بالنوم ، وليس الغرض منها إلاّ بيان أنّه على يقين من وضوئه ، ليقول ثانيا : إنّه لا ينبغي أن يرفع اليد عن هذا اليقين ؛ إذ لا موجب لانحلاله ورفع اليد عنه إلاّ الشكّ الموجود ، والشكّ بما هو شكّ لا يصلح أن يكون رافعا ، وناقضا لليقين ، وإنّما ينقض اليقين اليقين ، لا غير.

فقوله : «وإلاّ فإنّه على يقين من وضوئه» بمنزلة الصغرى ، وقوله : «ولا ينقض اليقين بالشكّ أبدا» بمنزلة الكبرى. وهذه الكبرى مفادها قاعدة الاستصحاب ، وهي البناء على اليقين السابق وعدم نقضه بالشكّ اللاحق ؛ فيفهم منها أنّ كلّ يقين سابق لا ينقضه الشكّ اللاحق.

هذا ، وقد وقعت المناقشة في الاستدلال بهذه الصحيحة من عدّة وجوه :

منها : ما أفاده الشيخ الأنصاريّ قدس‌سره ، إذ قال : «ولكن مبنى الاستدلال على كون اللام في «اليقين» للجنس ؛ إذ لو كانت للعهد لكانت الكبرى المنضمّة إلى الصغرى : ولا ينقض اليقين بالوضوء بالشكّ ، فيفيد قاعدة كلّيّة في باب الوضوء» إلى آخر ما أفاده. ولكنّه استظهر أخيرا كون اللام للجنس. (٢)

__________________

(١) بنى الشيخ الأنصاريّ ومن حذا حذوه الاستدلال بهذه الصحيحة على أنّ جواب الشرط محذوف ، وأنّ قوله : «فإنّه على يقين من وضوئه» علّة للجواب قامت مقامه. وقال : «وجعله نفس الجزاء يحتاج إلى تكلّف» * ، فيكون معنى الرواية ـ على قوله ـ : أنّه إن لم يستيقن أنّه قد نام ، فلا يجب عليه الوضوء ؛ لأنّه على يقين من وضوئه في السابق. فحذف «فلا يجب عليه الوضوء» وأقام العلّة مقامه.

وهذا الوجه الذي ذكره وإن كان وجيها ولكنّ الحذف خلاف الأصل ، ولا موجب له ، ولا تكلّف في جعل الموجود نفس الجزاء على ما بيّنّاه في المتن. ولا يتوقّف الاستدلال بالصحيحة على هذا الوجه ، ولا على ذلك الوجه ، ولا على أيّ وجه آخر ذكروه ؛ فإنّ المقصود منها في بيان قاعدة الاستصحاب مفهوم واضح يحصل في جميع هذه الوجوه. ـ منه قدس‌سره ـ.

(٢) فرائد الأصول ٢ : ٥٦٤.

__________________

* فرائد الأصول ٢ : ٥٦٣ ـ ٥٦٤.

۶۸۸۱