الملكيّة ، والزوجيّة ، ونحوها من الأحكام الوضعيّة. وشأنها في ذلك شأن الأحكام التكليفيّة المسلّم فيها أنّها من الاعتباريّات الشرعيّة.

توضيح ذلك أنّ حقيقة الجعل هو الإيجاد. والإيجاد على نحوين :

١. ما يراد منه إيجاد الشيء حقيقة في الخارج. ويسمّى : «الجعل التكوينيّ» أو «الخلق».

٢. ما يراد منه إيجاد الشيء اعتبارا وتنزيلا ، وذلك بتنزيله منزلة الشيء الخارجيّ الواقعيّ من جهة ترتيب أثر من آثاره ، أو لخصوصيّة فيه من خصوصيّات الأمر الواقعيّ. ويسمّى «الجعل الاعتباريّ» ، أو «التنزيليّ» ، وليس له واقع إلاّ الاعتبار والتنزيل ، وإن كان نفس الاعتبار أمرا واقعيّا حقيقيّا ، لا اعتباريّا ، مثلا حينما يقال : «زيد أسد» ، فإنّ الأسد مطابقه الحقيقيّ هو الحيوان المفترس المخصوص ، وهو ـ طبعا ـ مجعول ومخلوق بالجعل والخلق التكوينيّ. ولكنّ العرف يعتبرون الشجاع أسدا ، فزيد أسد اعتبارا وتنزيلا من قبل العرف من جهة ما فيه من خصوصيّة الشجاعة كالأسد الحقيقيّ.

ومن هذا المثال يظهر كيف أنّ الأحكام التكليفيّة اعتبارات شرعيّة ؛ لأنّ الآمر حينما يريد من شخص أن يفعل فعلا ما فبدلا عن أن يدفعه بيده ـ مثلا ـ ليحرّكه نحو العمل ينشئ الأمر بداعي جعل الداعي في دخيلة (١) نفس المأمور. فيكون هذا الإنشاء للآمر دفعا وتحريكا اعتباريّا ؛ تنزيلا له منزلة الدفع الخارجيّ باليد مثلا. وكذلك النهي زجر اعتباريّ ؛ تنزيلا له منزلة الردع والزجر الخارجيّ باليد مثلا.

وكذلك يقال في حجّيّة الأمارة المجعولة ؛ فإنّ القطع لمّا كان موصلا إلى الواقع حقيقة ، وطريقا بنفسه إليه فالشارع يعتبر الأمارة الظنّيّة طريقا إلى الواقع ؛ تنزيلا لها منزلة القطع بالواقع بإلغاء احتمال الخلاف ، فتكون الأمارة قطعا اعتباريّا ، وطريقا تنزيليّا.

ومتى صحّ وأمكن أن تكون الحجّيّة هي المعتبرة أوّلا وبالذات فما الذي يدعو إلى فرضها مجعولة ثانيا وبالعرض ، حتى تكون أمرا انتزاعيّا؟! إلاّ أن يريدوا من الانتزاعيّ

__________________

(١) أي : باطنه.

۶۸۸۱