الحكمين بلا تعيين فالمورد يكون من باب التعارض ؛ للعلم الإجماليّ حينئذ بكذب أحد الدليلين الموجب للتنافي بينهما عرضا (١)».

هذا خلاصة رأية رحمه‌الله ، فجعل إحراز مناط الحكمين في مورد الاجتماع وعدمه هو المناط في التفرقة بين مسألة الاجتماع وباب التعارض ، بينما أنّ المناط عندنا في التفرقة بينهما هو دلالة الدليلين بالدلالة الالتزاميّة على نفي الحكم الآخر وعدمها ، فمع هذه الدلالة يحصل التكاذب بين الدليلين ، فيتعارضان ، وبدونها لا تعارض ، فيدخل المورد في مسألة الاجتماع.

ويمكن دعوى التلازم بين المسلكين في الجملة ؛ لأنّه مع تكاذب الدليلين من ناحية دلالتهما الالتزاميّة لا يحرز وجود مناط الحكمين في مورد الاجتماع ، كما أنّه مع عدم تكاذبهما يمكن إحراز وجود المناط لكلّ من الحكمين في مورد الاجتماع ، بل لا بدّ من إحراز مناط الحكمين بمقتضى إطلاق الدليلين في مدلولهما المطابقيّ.

وأمّا شيخنا النائينيّ : فقد ذهب إلى «أنّ مناط دخول المورد في باب التعارض أن تكون الحيثيّتان في العامّين من وجه حيثيّتين تعليليّتين ؛ لأنّه حينئذ يتعلّق الحكم في كلّ منهما بنفس ما يتعلّق به الآخر ، فيتكاذبان ، وأمّا إذا كانتا تقييديّتين : فلا يقع التعارض بينهما ، ويدخلان حينئذ في مسألة الاجتماع مع المندوحة ، وفي باب التزاحم مع عدم المندوحة (٢)».

ونحن نقول : في الحيثيّتين التقييديّتين إذا كان بين الدلالتين تكاذب من أجل دلالتهما الالتزاميّة على نفي الحكم الآخر ـ على نحو ما فصّلناه ـ فإنّ التعارض بينهما لا محالة واقع ، ولا تصل النوبة في هذا المورد للدخول في مسألة الاجتماع.

ولنا مناقشة معه في صورة الحيثية التعليليّة ، يطول شرحها ، ولا يهمّ التعرّض لها الآن ، وفيما ذكرناه الكفاية ، وفوق الكفاية للطالب المبتدئ.

__________________

(١) كفاية الأصول : ١٨٩.

(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٦٠.

۶۸۸۱