جهة عمومه على نحوين :
١. أن يكون ملحوظا في الخطاب ، فانيا في مصاديقه على وجه يسع جميع الأفراد بما لها من الكثرات والمميّزات ، فيكون شاملا في سعته لموضع الالتقاء مع العنوان المحكوم بالحكم الآخر ، فيعدّ في حكم المتعرّض لحكم خصوص موضع الالتقاء ، ولو من جهة كون موضع الالتقاء متوقّع الحدوث على وجه يكون من شأنه أن ينبّه عليه المتكلّم في خطابه ، فيكون أخذ العنوان على وجه يسع جميع الأفراد بما لها من الكثرات والمميّزات لهذا الغرض من التنبيه ونحوه. ولا نضايقك أن تسمّي مثل هذا العموم «العموم الاستغراقيّ» ، كما صنع بعضهم (١).
والمقصود أنّ العنوان إذا أخذ في الخطاب على وجه يسع جميع الأفراد بما لها من الكثرات والمميّزات ، يكون في حكم المتعرّض لحكم كلّ فرد من أفراده ، فيكون نافيا بالدلالة الالتزاميّة لكلّ حكم مناف لحكمه.
٢. أن يكون العنوان ملحوظا في الخطاب ، فانيا في مطلق الوجود المضاف إلى طبيعة العنوان من دون ملاحظة كونه على وجه يسع جميع الأفراد ـ أي لم تلحظ فيه الكثرات والمميّزات في مقام الأمر بوجود الطبيعة ، ولا في مقام النهي عن وجود الطبيعة الأخرى ـ ، فيكون المطلوب في الأمر والمنهيّ عنه في النهي صرف وجود الطبيعة. وليسمّ مثل هذا العموم «العموم البدليّ» ، كما صنع بعضهم (٢).
فإن كان العنوان مأخوذا في الخطاب على النحو الأوّل فإنّ موضع الالتقاء يكون العامّ حجّة فيه ، كسائر الأفراد الأخرى ، بمعنى أن يكون متعرّضا بالدلالة الالتزاميّة لنفي أيّ حكم آخر ، مناف لحكم العامّ بالنسبة إلى الأفراد وخصوصيّات المصاديق.
وفي هذه الصورة لا بدّ أن يقع التعارض بين دليلي الأمر والنهي في مقام الجعل والتشريع ؛ لأنّهما يتكاذبان بالنسبة إلى موضع الالتقاء من جهة الدلالة الالتزاميّة في كلّ منهما على نفي الحكم الآخر بالنسبة إلى موضع الالتقاء.
__________________
(١) وهو المحقّق الخوئيّ في المحاضرات ٥ : ١٥٢.
(٢) المصدر السابق.