وذلك فلأن الذي أنشأه الموصي ، أعني الملكية بعد الموت ، لم يمض من قبل الشارع. وما يدعى إمضاؤه له ، أعني الملكية بعد القبول ، لم ينشئه الموصي. فيكون من قبيل ما وقع لم يقصد ، وما قصد لم يقع.

ودعوى أن الاختلاف والتفاوت بين المنشأ والممضى واقع في موارد من الأبواب الفقهية ، نظير الهبة حيث أن المنشأ فيها هو التمليك الفعلي ، في حين أنّ الإمضاء متعلق بالتمليك بعد القبض.

مدفوعة بأنّ ذلك وإن كان ممكناً في نفسه إلّا أنه يحتاج إلى دليل خاص ، لعدم شمول الأمر بالوفاء له ، لما عرفت من أن المنشأ لم يمضه الشارع وما يدعى إمضاؤه له لم ينشأ ، وهو مفقود.

فما أفاده قدس‌سره لا يمكن الالتزام به ثبوتاً وإثباتاً.

وتوهّم أن تأخره عن القبول لا ينافي شمول أدلة الوفاء بالعقد له ، لأنه موجود في جميع المعاملات حيث يكون هناك فاصل زماني ولو كان قليلاً جدّاً بين الإيجاب والقبول لا محالة ، من غير أن يقال أن ما أنشأه المنشئ لم يتعلق به الإمضاء ، وما تعلق به الإمضاء لم ينشأ. وحيث إن الوصيّة كسائر العقود ، وإن كان زمان الفصل فيها أطول ، كان حكمها حكم غيرها في شمول أدلة الوفاء بالعقد لها.

مدفوع بأنّ المنشأ في سائر العقود كالبيع مثلاً ليس هو الملكية في زمان الإنشاء ، وإنما هو الملكية على تقدير القبول ، فإنه مبادلة مال بمال ومعاملة بينهما بالتراضي ، فلا ينشئ البائع الملكية للمشتري سواء أقبل أم لم يقبل. بخلاف الوصيّة حيث إن المنشأ مقيد بالزمان أعني زمان الموت وهو لم يتعلق به الإمضاء ، على ما اختاره الشيخ الأعظم قدس‌سره من أن القبول ناقل لا كاشف ، وما تعلق به لم ينشأ.

فالفرق بين الوصيّة وغيرها ظاهر.

هذا بناءً على القول بالنقل. وأما بناءً على الكشف بأن يحكم بالقبول بالملكية من حين الموت ، فهو لو فرضنا إمكانه وسلمنا صدق العقد عليه ، مخالف لما هو المعهود في

۳۸۵