ولا وجه لقياس المقام بالخيارات الثابتة للبائع أو المشتري حيث يلتزم فيها بالفورية ، فإن العقد في مواردها تامّ ، غاية الأمر أن لأحدهما أو كليهما حق الفسخ. وهذا بخلاف المقام ، فإن العقد غير تام ، ولا يجب عليه إتمامه وإنما له ذلك إذا شاء.

هذا مضافاً إلى صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «قضى في وليدة باعها ابن سيِّدها وأبوه غائب فاشتراها رجل فولدت منه غلاماً ، ثمّ قدم سيِّدها الأوّل فخاصم سيِّدها الأخير فقال : هذه وليدتي باعها ابني بغير إذني ، فقال : خذ وليدتك وابنها ، فناشده المشتري ، فقال : خذ ابنه يعني الذي باع الوليدة حتى ينفذ لك ما باعك ، فلما أخذ البيع الابن قال أبوه : أرسل ابني ، فقال : لا أُرسل ابنك حتى ترسل ابني ، فلما رأى ذلك سيد الوليدة الأوّل أجاز بيع ابنه» (١).

فإنّها واضحة الدلالة في عدم لزوم الفورية ، وأنه لا محذور في الفصل بين الإجازة والعقد وإن كان كثيراً.

ثمّ لو زوّجت المرأة نفسها من رجل فضولة ، فهل يلزمه الإمضاء أو الردّ فوراً ، أو يثبت لها الفسخ كي لا تتضرّر المرأة ببقائها معطلة ، أو لا هذا ولا ذاك؟

أقوال مبنية على الالتزام بلزوم العقد الواقع بين الأصل والفضولي بالقياس إلى الأوّل ، بحيث لا يكون له التصرف على خلاف ما التزم به ، كما التزم به شيخنا الأعظم قدس‌سره (٢).

إلّا أنه قد تقدّم منا في مباحث المكاسب عدم تمامية هذا المبنى ، باعتبار أن العقد متقوم بطرفين ، وحيث إنه لم يتحقق الالتزام من الطرف الآخر ، فلم يصدق العقد ومن ثمّ فلا تشمله أدلة اللزوم ، فهو نظير بيع البائع للمبيع قبل قبول المشتري من غيره.

ومن هنا فلا يكون في تأخير الإجازة أي ضرر عليها ، باعتبار أن لها التزوج من غيره.

ثمّ على تقدير تمامية هذا المبنى ، فلا يمكن الحكم بلزوم الفورية وإلزام الرجل

__________________

(١) الوسائل ، ج ٢١ كتاب النكاح ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب ٨٨ ح ١.

(٢) كتاب النكاح ٢٠ : ١٦٢ طبع المؤتمر العالمي.

۳۸۵