الوصيّة ، لأنّ في مخالفتها تبديلاً لها ، فيكون ﴿إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾.
وتوهّم أنّ الآية المباركة وجميع النصوص الواردة في الاستدلال بها مختصة بالوصيّة المالية ، فلا دليل على نفوذ الوصيّة في نكاح المجنون أو المجنونة.
مدفوع بأنّ صدر الآية الكريمة وإن كان موردها الوصيّة بالمال ، إلّا أنه غير ضارٍّ بإطلاق الآية المباركة. على أنه يكفي في إثبات عدم اختصاص نفوذ الوصيّة بالأُمور المالية ، ما دلّ على نفوذ الوصيّة بالمضاربة بمال اليتيم ، مع أنه وصيّة بالاتجار لا المال.
كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنه سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم ، وأذن عند الوصيّة أن يعمل بالمال وأن يكون الريح بينه وبينهم ، فقال : «لا بأس به من أجل أن أباه قد أذن له في ذلك وهو حي» (١). وقريب منها خبر خالد الطويل (٢).
فإنّ مقتضى عموم التعليل بقوله عليهالسلام : «إن أباه قد أذن له في ذلك وهو حي» نفوذ الوصيّة بكل ما كان للأب في حياته.
ويؤيِّد ما ذكرناه ما ورد في تفسير من ﴿بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ﴾ (٣) حيث اشتملت جملة منها على الوصي أيضاً ، فإنّ المراد به وبملاحظة مناسبة الحكم والموضوع ، هو من أوصى إليه بالنكاح دون من كان وصياً في إدارة شؤونه العامة.
وبالجملة لا ينبغي الإشكال في نفوذ الوصيّة بالنكاح بالنسبة إلى المجنون.
ثمّ إن الحكم بنفوذ الوصيّة مطلقاً إنما يتم في المقام بناءً على ما اخترناه ، من عدم اختصاص ولاية الأب أو الجد على المجنون بما إذا كان الجنون متصلاً بالصغر. وأما لو قلنا بذلك ، كان اللازم اختصاص نفوذ الوصيّة بذلك الفرض أيضاً وعدم تماميته في الجنون المنفصل ، إذ ليس للأب أو الجد الإيصاء لغيره بما ليس له.
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٩ كتاب الوصايا ، ب ٩٢ ح ١.
(٢) الوسائل ، ج ١٩ كتاب الوصايا ، ب ٩٢ ح ٢.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٣٧.