المحرزة على الاصول العمليّة ، كما يأتي (١) إن شاء الله تعالى ، وإن لم يتوفّر دليل محرز أخذ بالأصل العمليّ ، فهو المرجع العامّ للفقيه حيث لا يوجد دليل محرز.

ويوجد عنصر مشترك يدخل في جميع عمليّات استنباط الحكم الشرعيّ ، سواء ما استند فيه الفقيه إلى دليلٍ من القسم الأوّل أو إلى دليلٍ من القسم الثاني ، وهذا العنصر هو حجّيّة القطع.

ونريد بالقطع : انكشاف قضيّةٍ بدرجةٍ لا يشوبها شكّ ، ومعنى حجّيته : كونه منجِّزاً ، أي مصحّحاً للعقاب إذا خالف العبد مولاه في تكليفٍ مقطوعٍ به لديه ، وكونه معذِّراً ، أي نافياً لاستحقاق العقاب عن العبد إذا خالف مولاه نتيجة عمله بقطعه.

وواضح أنّ حجّية القطع بهذا المعنى لا يستغني عنها جميع عمليّات الاستنباط ؛ لأنّها إنّما تؤدّي إلى القطع بالحكم الشرعيّ أو بالموقف العمليّ تجاهه ، ولكي تكون هذه النتيجة ذات أثرٍ لابدّ من الاعتراف مسبقاً بحجّيّة القطع ، بل إنّ حجّيّة القطع ممّا يحتاجها الاصوليّ في الاستدلال على القواعد الاصوليّة نفسها ؛ لأنّه مهما استُدلّ على ظهور صيغة «افعل» في الوجوب ـ مثلاً ـ فلن يحصل على أحسن تقديرٍ إلاّعلى القطع بظهورها في ذلك ، وهذا لا يفيد إلاّمع افتراض حجّيّة القطع.

كما أنّه بعد افتراض تحديد الأدلّة العامّة والعناصر المشتركة في عمليّة الاستنباط قد يواجه الفقيه حالات التعارض بينها ، سواء كان التعارض بين دليلٍ من القسم الأوّل ودليلٍ من القسم الثاني ، كالتعارض بين الأمارة والأصل ، أو بين دليلين من قسمٍ واحد ، سواء كانا من نوعٍ واحدٍ ، كخبرين لثقتين ، أو من نوعين ، كالتعارض بين خبر الثقة وظهور الآية ، أو بين أصالة الحلّ والاستصحاب.

__________________

(١) في موضوع التعارض بين الأدلّة المحرزة والاصول العملية ، آخر هذا الجزء

۴۷۲۱