حدّ التلقّي أربعة فراسخ
ثمّ إنّ حدّ التلقّي أربعة فراسخ ، كما في كلام بعض (١). والظاهر أنّ مرادهم خروج الحدّ عن المحدود ؛ لأنّ الظاهر زوال المرجوحيّة إذا كان أربعة فراسخ. وقد تبعوا بذلك مرسلة الفقيه.
هل الحدّ داخلٌ في المحدود أم خارج عنه؟
وروى : «أنّ حدّ التلقّي روحة ، فإذا بلغ إلى أربعة فراسخ فهو جَلب» (٢) ، فإنّ الجمع بين صدرها وذيلها لا يكون إلاّ بإرادة خروج الحدّ عن المحدود. كما أنّ ما في الرواية السابقة : أنّ حدّه «ما دون غدوة أو روحة» (٣) محمولٌ على دخول الحدّ في المحدود.
لكن قال في المنتهي : حدَّ علماؤنا التلقّي بأربعة فراسخ ، فكرهوا التلقّي إلى ذلك الحدّ ، فإن زاد على ذلك كان تجارةً وجلباً ، وهو ظاهرٌ ، لأنّ بمضيّه ورجوعه يكون مسافراً ، ويجب عليه القصر فيكون سفراً حقيقيّا إلى أن قال : ولا نعرف بين علمائنا خلافاً فيه (٤) ، انتهى.
والتعليل بحصول السفر الحقيقي يدلّ على مسامحة في التعبير ، ولعلّ الوجه في التحديد بالأربعة : أنّ الحصول (٥) على الأربعة بلا زيادة ونقيصة نادر ، فلا يصلح أن يكون ضابطاً لرفع الكراهة ؛ إذ لا يقال : إنّه وصل إلى الأربعة إلاّ إذا تجاوز عنها ولو يسيراً.
__________________
(١) نسبه في المنتهي (٢ : ١٠٠٦) إلى علمائنا كما سيأتي عنه ، وقال في الحدائق : «الظاهر أنّه لا خلاف بين أصحابنا» ، وراجع لسائر التعابير مفتاح الكرامة ٤ : ١٠٥.
(٢) الفقيه ٣ : ٢٧٤ ، الحديث ٣٩٩٠ ، والوسائل ١٢ : ٣٢٧ ، الباب ٣٦ من أبواب آداب التجارة ، الحديث ٦.
(٣) تقدّمت في الصفحة ٣٥٠ ، وهي رواية منهال القصّاب.
(٤) المنتهي ٢ : ١٠٠٦.
(٥) في «ش» : الوصول.